آراؤهم

“العقـل الكســول”

لا تخلو محاضراتي من أسئلة العموميات والشموليات والكليات التي لا أحبها .. مثل : هل الدعوة الوهابية على باطل ؟ هل الدولة الفاطمية دولة خيّرة ؟ هل العثمانيون قبوريين مشركين ؟ هل العرب هم خير الأمم ؟ هل الأعاجم عالة على الدين ؟ هل الأمويون عنصريين ؟ هل تحب القهوة الشقراء ؟!! الخ ..
تلك الأسئلة التي لا توجد لها إجابة واحدة منفردة و تحتاج إجاباتها الى شيء من التفصيل ويرغب منك السائل أن تجيبه فقط بـ ( نعم أو لا ).

هذه ظاهرة كما قال أحد المفكرين العرب ظاهرة ( كسل العقل ) أي : أن العقل البشري لا يحب الألوان الرمادية التي تكون بين السواد والبياض ، و أن يجتمع الموجب والسالب في نفس الكيان ، فيعيش متقلباً حائراً، إنما يريد أن يكون الأمر واضحاً مبيناً وأن يتخذ موقفاً واحداً ، هذا جميل إن أراد الإنسان أن يتعامل مع المنطقيات التي لا تقبل وجود الموجب والسالب في آن واحد مثال ، هل يحتوي الماء على شيء غير الهيدروجين والأوكسجين ؟ هذا أمر واضح لا يقبل رمادية الإجابة.

أما الأسئلة التي تتعلق بإطلاق أحكام نهائية بالشر أو الخير لدولة ، أو كيان ، أو تنظيم ، أو رأي بشري ، أو أفراد .. فإن ذلك أمر لا نستطيع الحكم عليه بصورة مطلقة ، فالدولة الشريرة قد تكون خيّرة في جانب آخر ، والانسان الخيّر قد يكون شريراً ومقصراً في جانب من جوانب حياته ، لإكمال في حياتنا الدنيا وليس لشيء في هذا الوجود كمال مطلق و حكم مطلق ، حتى الشيطان أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم الصدق مع عداوته فقال : (صدقك الشيطان وهو كذوب).

فالواجب علينا عندما نحكم على أمر ما ، فكرة ، دولة ، تيار ، أفراد ، أن نأخذ بكل التفاصيل وأن نضع الميزان حسب جهدنا واجتهادنا و نذكر المزايا ، والعيوب ، إمتثالاً لقول الرب عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ) فنقول لمن أحسن أحسنت في كذا و لمن أخطأ أخطأت في كذا ، ونجعل الكفة تميل الى ما كثرت فيه المقاييس حتى نكون أكثر إنصافاً و عدلاً . إلاّ في القهوة الشقراء فحكمي فيها واضح جليّ لا يحتاج تفصيلاً فلا تسألني عن تلكموا الشقراء يا حمد .

جاسم الجزّاع

باحث دكتوراة في ادارة الأعمال

@jassimaljezza84

تعليق واحد

  • خانك التعبير يا أستاذ جاسم عندما ضربت مثلاً بالشيطان وأن له جانب إيجابي وهو الصدق وأثبت ذلك بشهادة المصطفى عليه الصلاة والسلام وغفلت على أن تلك الشهادة لم تكل إلا من قبيل الذم ، فمهما صدقك الشيطان فهو كذوب في غاية صدقه ذلك الشيطان الذي كان ومازال رمز للشر المطلق في كل ملة ودين الذي يلبس عليك فيأتي من باب الخير واضعاً شركاً لك يرديك في مغارات الشر . هذا ما استوقفني بمقالك الجميل المفيد فلم أرد أن أجد ثمة مثلمة فيه .

أضغط هنا لإضافة تعليق

اترك رداً على عبدالعزيز الظفيري إلغاء الرد