أقلامهم

الدكتور الخطيب وسياسة “بروي”!

«بروي».. اسم للعبة تراثية، وردت ضمن تعليق للمناضل الكويتي الدكتور أحمد الخطيب، حيث اختصر فيها التعليق على حديث حول وضع سياسي شائك لا علاقة له بالألعاب، مكتفياً بتكرار: «بروي.. بروي»!

انتشرت لعبة «بروي» قديماً بين الإطفال الإناث، ووثقها ذاك الزمان الجميل المفعم بالبساطة بين أبناء الفريج (الحي)، فيما كان يشارك فيها بعض الذكور من دون حياء، باعتبار أن الجيران وأهل الفريج من أفراد أسرة واحدة، فبراءة الأطفال والنوايا الطيبة للأسر جمعت أبناء الحي الواحد بهذه اللعبة وألعاب أخرى من دون أن يكون للاختلاط معنى سيئ أو من محظورات اليوم.

سياسي حذق كالدكتور الخطيب صريح للغاية في حديثه وملاحظاته، لا يمكن أن تصدر منه كلمات وتعليقات من دون أن يكون لها معنى ومقصد، لذا وجدت نفسي مجتهداً بالتمعن في ربط كلمة «بروي» مع ما تشهده الساحة السياسية، فالدكتور أحمد الخطيب رمز وطني ومن صناع تاريخ الديموقراطية الدستورية، وحاضر الذاكرة ودقيق جداً في اختيار مفرداته والتعبير عن آرائه، التي لا تتناقض إطلاقاً مع مسيرته التاريخية منذ كان طالباً حتى دخوله المجلس التأسيسي في 1938 وخوضه تحديات سياسية تشهد عليها زوايا الكويت وأركانها من «الإمارة حتى الدولة».

الذكريات باتت مشتتة ومبعثرة عند البعض، لكنها موثقة عند عدد أكبر، خصوصاً ممن كان له دور، أو شاهداً على مراحل التطور السياسي لكويت الدستور، كالدكتور أحمد الخطيب.

تتميز شخصية الدكتور الخطيب بخصال نادرة لمن في عمره وخبرته السياسية العميقة، حيث تلازم الابتسامة حديثه الهادئ، والإنصات إلى كل الآراء، حتى لو كان مصدرها شاباً يافعاً لم يعتصره الزمن بعد، فغايته التعرف على شتى الآراء والهواجس بشأن تحديات الحاضر المعقد.

قد تكون لعبة «بروي» عنواناً يلخص المشهد الحالي!

يبدو أن «بروي» أصبحت محوراً سياسياً للتفكير والمراجعة، وإن كانت في الماضي مجرد لعبة، فالدكتور أحمد الخطيب هو الحكيم السياسي والمتواضع روحاً وعقلاً بحبه ووفائه لوطنه والشعب الكويتي.

نحن، فعلاً، أمام مرحلة دقيقة للغاية تقتضي رحابة الصدر في الاستماع إلى كل الآراء وليس الضجر منها، من أجل النهوض بالبلد، وانتشاله من مختلف أوجه الفساد، الذي نأمل ألا تكون مرحلة لها علاقة بتزوير انتخابات 1967 وسرقات المال العام أثناء الغزو العراقي للكويت وبعده.

فوضعنا الحالي لا يبعث على الاطمئنان إطلاقاً، بسبب حجم وطبيعة التحديات، فثمة استنزاف لثروات الدولة وانحراف مؤرق في مسار عمل الحكومة ومجلس الأمة أيضاً، واختلاط أوراق السلطتين!

الإصلاح السياسي الشامل يستوجب إصلاح العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، خارج دائرة المحاصصة وأي هيمنة نيابية على قرارات وسياسات الحكومة.

فإذا ما فشلت الإرادة الذاتية أمام أول اختبار سياسي في اتخاذ القرار أو التردد فيه أو في حال وجود أكثر من مصدر في صناعة القرارات وصياغة السياسات، فستعود حتمياً التحديات نفسها!