عربي وعالمي

تقرير حقوق الإنسان 2010 : القضاء الكويتي مستقل ولكن

بعد انتقاد مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية لما أسماه «عدم تعاون الكويت مع أميركا في مكافحة تمويل الإرهاب» جاء تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان في العالم للعام 2010 ليزيد من زخم النقد الأميركي للأوضاع في الكويت. فقد أكد التقرير أن «أوضاع احترام حقوق الإنسان في الكويت تواجه بعض المشاكل»، لافتا إلى ما أسماه تجاوزات الشرطة وقوات الأمن بحق المساجين، وشدد التقرير على استمرار هضم حقوق العمالة الوافدة، وخصوصا العمالة المنزلية، ورصد التقرير في 2010 تعاظم مشكلة البدون ووصول أعدادهم إلى نحو 100 ألف و«هم محرومون من حقوق عديدة». كما أشار إلى تقييد الحق في تشكيل الجمعيات، وإلى أن الحكومة قيدت حرية الصحافة في بعض الأمور العام الماضي مثلما حصل في قضية التجسس، لافتا إلى أن وسائل الاعلام تمارس رقابة ذاتية لتفادي الغرامات. وبمقابل ذلك أشار التقرير إلى استقلالية القضاء الكويتي وإتاحة الفرصة للجميع للحصول على محاكمة عادلة. 
 
وقد  أصدرت وزارة الخارجية الاميركية تقريرها السنوي عن حقوق الانسان الذي تضمن تقييم واشنطن لاداء مختلف دول العالم بما في ذلك الكويت في هذا المجال.


وحول الكويت قال التقرير ان «مشكلات حقوق الانسان تتضمن الحد من حق المواطن في تغيير حكومته، وقد كانت هناك تقارير عن قيام اجهزة الأمن باساءة معاملة المسجونين كما ان السلطات حدت من حق التعبير والتجمع وتكوين جمعيات ومن حرية الاديان، كما ان الحكومة حدت من حرية التحرك بالنسبة لمجموعات معينة من السكان بما في ذلك العمال الاجانب والبدون، وتظل حالة البدون دون حل وهم يواجهون تمييزا اجتماعيا وقانونيا، كما يظل تهريب البشر يمثل مشكلة والنساء لا يتمتعن بحقوق متساوية وحقوق العاملين محدودة والوافدون يعانون من تضييق حادب لحقوقهم ايضا سواء كانوا من العاملين في الخدمات المنزلية او من العاملين في قطاع الخدمات. وقالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في سياق تقديمها للتقرير اول من امس ان شجاعة وتصميم النشطاء في الشرق الاوسط وشمال افريقيا الهمت الولايات المتحدة حين وقفوا ضد القمع وللمطالبة باحترام حقوق الانسان. وتابعت ان الولايات المتحدة تقف مع اولئك الذين يدافعون عن الديموقراطية وحقوق الانسان حيثما كانوا وسنقف مع اولئك الذين يمارسون حقوقهم في التجمع والتعبير السلمي عن آرائهم بالكلمة او بالصورة او عبر الانترنت، وفي هذا التقرير سنعرض مدى اهتمامنا بحقوق الانسان التي تدخل في عمل كل سفير من سفرائنا في انحاء العالم، ان هذا من صلب اجندة ادارة الرئيس اوباما وسياسته الخارجية فقد اظهر التاريخ ان الحكومات التي تحترم آراء شعوبها تكون اكثر قابلية للاستقرار والتوجه السلمي وفي نهاية المطاف تحقيق الرخاء لشعوبها. واشارت كلينتون الى ان العالم في العام الماضي شهد اتساعا لقمة النشطاء واعتبرت ذلك اتجاها عاما يشكل سمة من سمات العام 2010 ثم حصرت الاتجاهات الاخرى بقولها «اتسعت الجهود لحجب الانترنت او لتقييد محتوياتها وهناك الآن اربعون دولة في العالم تقيد الانترنت على نحو آو آخر»، وذكرت في هذا الصدد تعذيب نشطاء عرفوا بكتاباتهم على الانترنت بعد القبض عليهم والقبض على من يشاركونهم انشطتهم ومراقبة اتصالاتهم وما يكتبون واقتحام بريدهم الالكتروني.


كما اشارت الوزيرة الى اتجاه ثالث هو اضطهاد الاقليات العرقية والقومية والدينية واعطت مثلا على ذلك بقانون مكافحة ما تعتبره السلطات انشطة كافرة او تمس الدين وتطبيقها احيانا على مسلمين لا يشاركون بقية المجتمع رؤيتهم للدين او على اشخاص اخرين بسبب خلافات عقيدية، واشارت الى ايران بقولها ان لدينا تقارير تشير الى ان اكثر من 300 شخص قد تم اعدامهم في عام 2010 كثيرون منهم كانوا من الاقليات، وعلى سبيل المثال قامت السلطات في مايو الماضي بشنق اربعة من الاكراد لانهم طالبوا في عام 2006 باحترام حقوق الانسان وجرى اعتقالهم في ذلك العام.


وتابعت ان المجتمعات تزدهر حين تخاطب المشكلات التي تواجه حقوق الانسان بدلا من ان تحاول اخفاءها، ان التحرر من الخوف يجعل الاقتصاد ينمو مع قيام المواطنين بالاستثمار والابتكار والمشاركة، وحيث تزدهر حقوق الانسان ينمو الاطفال وهم يشعرون بأنهم مهمون وان من حقهم ان يعيشوا بكرامة وان يشاركوا في صنع مستقبلهم.


القسم المتعلق بالكويت


جاء في القسم المتعلق بالكويت انه لم تكن هناك أي تقارير عن أعمال قتل تعسفية أو غير قانونية من جانب الحكومة أو عن حالات اختفاء ذات دوافع سياسية، ولكن التقرير تحدث عن حالات إساءة الشرطة وقوى الأمن للمعتقلين، وأشار إلى ان سوء المعاملة يقع غالبا على غير المواطنين خصوصا العرب غير الخليجيين والآسيويين وعلى المتحولين جنسيا، كما اشار إلى إعلان الحكومة عن التحقيق في كل مزاعم إساءة المعاملة وعن إيقاع العقاب ببعض المسيئين.


وفيما يتعلق بمراقبة الأوضاع في السجون قال التقرير ان الصليب الأحمر قام بزيارة السجون الثلاثة ومركز الاحتجاز من دون أي إعاقة، وأضاف ان السجناء يتمتعون بتسهيلات معقولة مثل زيارات الأشخاص وممارسة عقائدهم الدينية، وبحقوق تقديم الشكاوى للسلطات القضائية من دون رقابة.


وتحدث التقرير عن فعالية قوات الشرطة في تنفيذ مسؤولياتها، ولكنه أشار إلى عدم قيام بعض أقسام الشرطة بالتعامل بجدية مع الشكاوى، خصوصا تلك المقدمة من الجنسيات الأخرى، كما ان قوات الأمن أخفقت في بعض الحالات في الاستجابة بفاعلية لبلاغات عن العنف الاجتماعي ضد الأقارب أو العمال المنزليين.


وذكر التقرير ان الاحتجاز التعسفي قبل المحاكمة هو إحدى المشكلات وان نحو 10% من السجناء محتجزون قبل المحاكمة، كما تحدث عن استقلالية القضاء وحق الجميع في الحصول على محاكمة عادلة، ونفى التقرير وجود أي سجناء أو محتجزين سياسيين.


وبخصوص حرية التعبير والصحافة قال التقرير ان الحكومة تفرض قيودا على حرية الصحافة والتعبير وبشكل خاص في الحالات المتعلقة بالأمن الوطني، وذكر التقرير ان عام 2010 سجل رفع 678 دعوى قضائية تتعلق بالمساس بالإسلام او العائلة الحاكمة أو الأخلاق العامة انتهى معظمها بفرض غرامات في حين ان عدد مثل هذه القضايا كان يقل عن 200 عام 2009.


وأضاف التقرير ان الانتقادات الحادة للوزراء ولكبار المسؤولين أمور شائعة ومسموح بها في حين وجهت التهم لعدد من الأفراد بإهانة العائلة الحاكمة ورئيس الوزراء.


وقال التقرير ان الحكومة قيدت حرية الصحافة خلال العام لدواعي الأمن الوطني وساق مثالا على ذلك تعليمات الحكومة للإعلام بعدم نشر المزيد من التقارير عما زعم انه تفكيك لشبكة تجسس إيرانية.


وبخصوص الصحافة المطبوعة تحدث التقرير عن انها ذات ملكية عامة ولكن استقلاليتها محدودة، ومع انها تنشر مختلف الآراء إلا انها تمارس الرقابة الذاتية من اجل تفادي الدعاوى والغرامات أو للاحتفاظ بتراخيصها.


وقال التقرير ان وزارة الإعلام تفرض رقابة على الكتب والأفلام التجارية والمجلات وأشرطة الفيديو والـ «سي دي» والـ «دي في دي» وغيرها من المواد المستوردة التي تعتبر مسيئة أخلاقيا، كما انها تراقب نشر وتوزيع كل المواد الإعلامية، مشيرا إلى انها أضافت 25 كتابا جديدا إلى قائمة بآلاف الكتب الممنوعة في معرض الكويت الدولي للكتاب.


وأشار التقرير الى تقديرات تفيد بأن 39% من سكان الكويت يستخدمون الانترنت ولكن في ظل مراقبة حكومية لها وحجب للمواقع التي تحرض على الإرهاب والقلاقل. وتحدث التقرير عن ان لوزارة الداخلية الحق في قبول أو رفض إقامة أي مناسبات سنوية عامة أو المناسبات التي تعتبرها غير لائقة سياسيا او أخلاقيا، وفي حين ينص القانون على الحق في حرية الاجتماع فان على منظمي أي اجتماع يزيد على 20 شخصا ان يحصلوا على موافقة مسبقة من وزارة الداخلية.


وقال التقرير انه بينما يسمح القانون بحرية تشكيل الجمعيات فان الحكومة تقيد هذا الحق عمليا، وأشار التقرير إلى انه لم تطرأ أي زيادة خلال العام على عدد المنظمات غير الحكومية المرخصة البالغ عددها 73 جمعية وان هنالك 149 جمعية لاتزال بانتظار البت في طلبات حصولها على تراخيص، وهذا لم يمنع وجود عشرات من الجمعيات المدنية والمنظمات غير الحكومية غير المرخصة التي لا تحصل على أي مساعدات حكومية.


وذكر التقرير ان الحكومة ساهمت بمبلغ 288 ألف دينار لصالح المفوضية العليا للاجئين خلال العام إلا انها لم تبد تعاونا مع معظم جهود المفوضية وغيرها من المنظمات الإنسانية في مجال توفير الحماية والمساعدة للاجئين والعائدين وطالبي اللجوء السياسي وغيرهم.


وفي مجال حرية التنقل أشار التقرير إلى القيود المفروضة على سفر النساء والبدون إلى الخارج، وقال ان المحكمة الدستورية قضت عام 2009 بحق المرأة بالحصول على جواز سفر من دون موافقة الزوج، ولكن لايزال للزوج الحق في منع مغادرتها للبلاد لمدة 24 ساعة قابلة للتمديد بأمر قضائي، ويواجه البدون أيضا قيودا على السفر مع استثناءات لبعض حالات السفر إلى العربية السعودية بقصد الحج، وأشار التقرير إلى حالات هجرة لعدة مئات من البدون خلال العام.


وتحدث التقرير عن ان تقديرات عدد البدون في البلاد تزيد حسب إحصائيات وزارة التخطيط لعام 2006 عن 100 ألف، وقال ان الحكومة تواصل التمييز ضدهم في مجالات التعليم والتوظيف والرعاية الصحية وحرية التنقل، وأضاف التقرير ان الحكومة لم تمنح الجنسية لأي بدون خلال عام 2009 وانه بنهاية العام كان أكثر من 80 ألف طلب لنيل الجنسية ينتظر البت فيه، وتقول الحكومة ان الأغلبية الساحقة من البدون يخفون جنسياتهم الحقيقية.


وبخصوص الأحزاب السياسية أشار التقرير إلى ان الحكومة لا تعترف بالأحزاب السياسية أو تسمح بتأسيسها مع انه لا يوجد قانون يحظرها، وفي المقابل تعمل الانتماءات القبلية والكتل غير الرسمية كمجموعات سياسية تجري انتخاباتها الفرعية لتعزيز هيمنتها على مجلس الأمة، وذكر التقرير ان القبائل تهيمن على اثنتين من الدوائر الانتخابية وتمارس نفوذا على الدوائر الثلاث الأخرى.


وفي مجال مكافحة الفساد تحدث التقرير عن انه بالرغم من تقارير لديوان المحاسبة ولجنة حكومية أخرى تتعلق بمزاعم فساد إلا انه لم تقدم للمحاكم أي قضايا فساد عام كبيرة خلال العام، كما ان مجلس الأمة كثيرا ما اعلن عن تحقيقات في مسائل تتعلق بإهدار المال العام ولكن أيا منها لم يؤد إلى توجيه اتهامات خلال العام، وبالرغم من عشرات قضايا تزوير تصاريح العمل فان المحاكم نادرا ما تصدر أحكاما صارمة بحق المرتكبين.


وتحدث التقرير عن تقييد الحكومة لعمليات مجموعات حقوق الإنسان المحلية والدولية وعن الحد من التعاون معها، ولكنه اقر بأنها سمحت لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بزيارة البلاد وبأنها تعاونت مع المنظمات الحكومية الدولية وسمحت لممثليها بزيارة البلاد.


وفيما يتعلق بالتمييز قال التقرير انه في حين ان القانون يحظر التمييز على أساس العرق أو الأصل او الإعاقة او اللغة إلا انه لا يتطرق للتمييز على أساس المكانة الاجتماعية، وأضاف ان عددا من القوانين والأنظمة يميز النساء والبدون والأجانب والعمال المنزليين والوافدين.


وذكر التقرير ان العنف ضد المرأة لايزال مشكلة، ولاحظ ان الاغتصاب جريمة يعاقب عليها بالإعدام ولكن الاغتصاب الزوجي لا يعد جريمة، وأشار الى ان وسائل الإعلام أفادت بأن مئات من حالات الاغتصاب خلال العام وان كثيرات من الضحايا كن من عاملات المنازل، ومع ان الشرطة اعتقلت أحيانا المغتصبين المزعومين وقدمت كثيرين منهم إلى المحاكمة إلا ان القوانين لم تطبق بشكل فعال دائما لحماية النساء الوافدات، ولكن مصادر ديبلوماسية أجنبية قالت ان الضحايا افدن بأن أغلبية أقسام الشرطة والمستشفيات تعاملت مع قضاياهن بطريقة مهنية.


وقال التقرير ان المرأة تتمتع ببعض الحقوق السياسية ولكن ليس بحقوق مماثلة للرجل في قانون الأسرة وقانون الملكية والنظام القضائي، واقر التقرير بان بعض النساء حصلن على مراكز بارزة في الحكومة والأعمال وان هناك لجنة برلمانية للمرأة وشؤون الأسرة تحتل فيها عضوات في مجلس الأمة أربعة من أصل خمسة مقاعد.


وحول معاداة السامية لاحظ التقرير ظهور تعليقات سلبية عن اليهود في وسائل الإعلام، وقال ان الخطاب المعادي للسامية كثيرا ما يصدر عن كتاب الرأي ممن يدعون أنفسهم بالإسلاميين أو المحافظين، وأضاف التقرير ان مسؤولين مدرسيين أصدروا تعليمات للمعلمين بإزالة أي إشارة لإسرائيل او المحرقة من الكتب المدرسية الانجليزية.


ولاحظ التقرير ان الحكومة الكويتية تطبق أحكام القانون التي تحظر التمييز ضد الأشخاص من ذوي الإعاقة بكل أشكالها، ولكنه أشار الى ان المعاقين الأجانب لا يتمتعون بالوصول إلى المرافق التي تديرها الحكومة ولا يتلقون إعانة الإعاقة الحكومية، وبين التقرير ان الحكومة باشرت تطبيق قانون جديد للإعاقة يقدم منحا اكبر ويقلص ساعات العمل ويوفر قروض إسكان محسنة لذوي الإعاقة من المواطنين والبدون.


وفي مجال حقوق العمال تحدث التقرير عن إصدار قانون جديد للعمل في القطاع الخاص بدلا من قانون 1964، ويوسع القانون الجديد حقوق مستخدمي القطاع الخاص، ولكنه لا يغطي العمالة المنزلية، ورأى التقرير ان نظام الكفالة للعمال الوافدين يجعل هذه الفئة عرضة لإساءة المعاملة.


وبخصوص عمالة الاطفال اشار التقرير الى ان القانون الكويتي يحظر عمالة الاطفال والى جهود الحكومة في مجال تطبيقه، ولكنه تحدث عن تقارير عن وجود عمالة ممن هم دون السن، خصوصا في اوساط العمالة المنزلية الوافدة من جنوب شرق آسيا وبعض هؤلاء دخلوا البلاد بوثائق تحمل تواريخ ميلاد مزورة.