أقلامهم

الدستور الكويتي أشبه بالمدينة الفاضلة .. ونتمنى ألا يقترب منه مجموعة ال26 .. علي الذايدي

عالم اليوم

 علي الذايدي

خللوه، احشوه، فلتروه، نقحوه

الدستور الكويتي غريب جدا ، ففي ثناياه توجد قوانين وأحكام لا يضاهيها حتى قوانين حمورابي أو قراقوش وزير صلاح الدين الأيوبي الذي ظلمته كتب التاريخ.

عندما نقرأ مواده نشعر بأننا في مدينة أفلاطون الفاضلة وأن العدالة الحقة تسود بين المواطنين وأن مبعوث وزير المالية يتجول بالزكاة بين الناس فلا يقبلونها لأنهم أغنياء كما حصل في أيام عمر بن عبدالعزيز الخليفة الخامس.

هذا على مستوى المواد فقط أما صلاحيات عضو مجلس الأمة فحدث ولا حرج ، فيستطيع نائب واحد أن يستجوب كل أعضاء الحكومة بما فيهم الرئيس نفسه ، فأي قوة ونفوذ يتمتع بها النواب!!

ولكن إذا رأينا واقع الحال فالحالة تختلف كثيرا، فكلما أراد أحد النواب تفعيل مادة الاستجواب فإنه يصطدم بالعوائق التي أولها زملاؤه النواب الذين يهاجمونه قبل أعضاء الحكومة المتضامنون، وثاني هذه العوائق هي الإحالة للمحكمة الدستورية لكي تقرر مدى دستورية الاستجواب، ولا أعلم كيف يصرح الوزراء أن الاستجواب حق أصيل للنواب ثم يحيلون هذه الاستجوابات للمحكمة الدستورية لكي يماطلوا بالوقت ويفقدوا العضو المستجوب حماسه ويتساقط المؤيدون له كلما طال أمد استجوابه حتى يبقى وحيدا في العراء لا ناصر له ولا مريد.

كنت أعتقد أن المذكرة التفسيرية وضعت لتفسير مواد الدستور الـ183 ولكنها في الحقيقة تظهر غير ما تبطن، ففي الوقت الذي تعطي صلاحيات واسعة للنواب للرقابة على الوزراء فإنها تترك الباب “مواربا” للحكومة لكي تتنصل من هذه الاستجوابات لأنها لم تكن قاطعة في بعض موادها ، وإلا فبماذا نفسر أن يصف أحمد السعدون استجوابا ما بأنه دستوري بينما يصفه قاضي سابق ونائب حالي وعضو في اللجنة التشريعية وهو حسين الحريتي بأنه غير دستوري وكلاهما يعتمد في كلامه على المذكرة التفسيرية التي تبين أنها تحتاج لتفسير.

كانت هناك مطالبات في السابق لتنقيح الدستور، بعضها لأغراض مشبوهة وبعضها كان صادقا يهدف لتطوير العملية الديمقراطية، ولكن الخوف من أن يفتح هذا الباب بعض المحاذير فقد تم إغلاقه بسرعة ولكني أتمنى أن يتم فتح هذا الباب مجددا، وأن يتم تنقيح الدستور بشكل جزئي مبدئيا وتوضيح بعض مواده ، وأيضا لزيادة الحريات وأن تتم هذه العملية تحت إشراف شخصيات كويتية تعرف بالوطنية والصلاح والذمة الشريفة وبالتنسيق بطبيعة الحال مع المخضرمين من أعضاء البرلمان سواء الحاليين أو السابقين، ففي النهاية الدستور عمل وضعي وليس كلاما مقدسا نزل من السماء، فلم الخوف من هذه الخطوة؟

عندما وضع الدستور كان تعداد الكويتيين لا يتعدى الـ200 ألف اليوم فاق عددهم المليون، كما أن الفكر السائد في تلك الفترة تغير كثيرا لعدة معطيات عن فكر مجتمع اليوم ، كما أن الكويت وقتها لم تكن حتى عضوا في هيئة الأمم المتحدة، وكويت الستينيات تختلف اختلافا كبيرا عن كويت اليوم، فلنتكل على الله أولا ثم على الصالحين والمخلصين ثانيا ولنفتح هذا الباب ولندخل ، ولكن إذا أحسنا الدخول فلنحسن الخروج.

خاطرة

يفضل ألا يكون من أعضاء لجنة تنقيح الدستور أحد من مجموعة الـ26