كتاب سبر

دلو صباحي
وطن مؤقت بكل أسف!!

تمر ذكرى الغزو الغاشم على الكويت في الثاني من اغسطس عام 90 مرور الكرام كل عام وكأننا لم نتعظ من الدرس القاسي في الغدر والخيانة الذي  لقنه لنا النظام البعثي في العراق بزعامة المقبور صدام حسين.. مجرد كلمات وشعارات ترفع وبعض من الذكريات المكررة على صفحات الجرائد دون أن نلمس شيئا جوهريا على الارض. 
وبشكل متكرر وتصاعديا نحاول دفن رؤوسنا في الرمال لنقنع أنفسنا بأن صدام وأزلامه ومن على شاكلتهم ليس لهم وجود بين الشعب العراقي.. ونحاول قدر الامكان قلب الحقيقة الواضحة بأن هناك بين افراد الشعب العراقي (وهم كثر) من يؤمن بأن الكويت جزء من العراق بعدما نجح الغرب إلى حد بعيد في ترسيخ هذا المفهوم الخاطئ بهدف زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة وخلق العداوة بين شعوبها وهو ما يصب في مصلحة هذه الدول الاستعمارية والضالعة في المؤامرات ضد  العرب والمسلمين.
في الكويت وبدلا من أن نستفيد من التجربة المريرة للغزو ونحاول قدر جهدنا لم الشمل والالتفاف حول كويتنا لبنائها ونهضتها وتنميتها نجد الامور تزداد فرقة وتشتتا بين افراد المجتمع ومجموعاته ربما بشكل أكثر سوءا من فترة ما قبل الغزو التي سادت فيها حالة من الالتهاب والتوتر بين الشرائح المختلفة الموجودة في بلدنا وكأن الصراع الداخلي ماركة كويتية مسجلة خالصة بتنا نتفنن فيه ونتقنه ولا نستطيع العيش دونه.
هذا الذي يحدث من محاولات محو فصيل لفصيل أو فئة لأخرى ألهانا عن النظر في احوالنا التي تزداد ترديا يوم بعد آخر وكأننا بلد متخلف يعاني الفقر والجهل وليس بلد بترولي صرف لديه ثروة نفطية تدر عليه المليارات ولديه احتياطي نفطي يجعله في طليعة الدول التي لديها احتياطات من هذا الخير الذي يغير وجه الأرض ويبدل حياة الشعوب.
في بلدنا النفطي يعاني المواطن من مشاكل اساسية مزمنة تتعلق بالمسكن والتعليم والصحة والبطالة وتكدس في الشوارع وقصر نظر في كل الامور الحياتية المهمة التي تفوقت علينا فيها دول ضمن العالم الثالث والرابع والخامس.
في بلدنا النفطي الذي تم الغدر به وبمن فيه في الثاني من اغسطس 90 يتصارع المتنفذين على المناقصات وعلى نهش لحمه بأكبر قدر ممكن بسلطة ونفوذ ومال.. بل وكأنه دولة مؤقتة مطلوب الظفر منها بأكبر قدر ممكن من الغنائم فانتشر الفساد ليس فقط بين اصحاب النفوذ وانما حتى بين موظفين بسطاء لديهم نفس المعتقد بأنه وطن مؤقت.
حالة الفرقة التي نعيشها هي المسؤولة عن هذا الشعور الكاذب والذي لن يتحقق ابدا إذا ما عدنا للصواب الذي كان يسير عليه الأجداد والآباء قبل النفط وبعد اكتشافه بسنوات.. ولعلي هنا أجزم أنه لو كان نهجنا التشتت وحب الذات أثناء فترة الغزو لما عادت الكويت أبدا.
نعم لقد استرددنا أرضنا ولله الحمد بمساعدة الدول الشقيقة والصديقة في فبراير 91 ولكننا لليوم لم نسترد وحدتنا وتماسكنا حيث تخلينا عن كل ذلك بمجرد عودة الكويت والأمر يسوء عام بعد آخر.
الأمر جد خطير ياسادة فتزكية الفئوية ومناصرة فصيل على آخر وتهميش ثالث واهمال رابع وهيمنة افكار المحاصصة على حياتنا بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو حماية منصب أو البقاء أكبر فترة ممكنة للاستحواذ على أكبر نصيب من الكيكه فيه قصر نظر وضرر لاصحاب المصالح قبل غيرهم.
رجاء لا تتعاملوا مع الكويت كوطن مؤقت.. وتلاحموا واصبروا واتحدوا فبالاتحاد والتعاون سنبني الوطن حتى وإن طال انتظار هذا الأمل غير المستحيل وإن تسرب اليكم اليأس.. تذكروا الثاني من اغسطس.
بقلم/ عبدالله المسفر العدواني
almesfer@hotmail.com