كتاب سبر

انفصام اجتماعي

تحذير: هذا المقال ليس مخصصاً للجبناء.

كثيرا ما كتب الكُتاب عن الطائفية، و تكلم الاعلام عن العنصرية، و تحدث المجتمع عن كيفية تحقيق الوحدة الوطنية، و نرى رغم كل ذلك بأن هذه الاشياء تستمر بالحدوث، فنرى بأن المجتمعات المسلمة التي تدعي ان الاسلام دين السلام هي اكثر المجتمعات التي ينتشر فيها العنف و الكراهية، و ان المجتمعات العربية التي تدعي ان العروبة اصل الكرم و الشجاعة و الوفاء هي اكثر المجتمعات التي تنتشر فيها الخيانة و الجبناء، فأين هي المشكلة؟

نحن جبناء الى درجة اننا دائما ما نبحث عن الحل السهل فبدلا من ان نلوم انفسنا و نجاهد في علاج هذه الامراض المستشريه في ابدان مجتمعاتنا، نسارع في خلق عدو وهمي لنلقي عليه لوم تفرقنا و تشتتنا و طائفيتنا فنسمع دائما بأن الدولة الفلانية تسعى لتفريقنا و الدين الفلاني يحارب لتشتيتنا، و نظرية المؤامرة التي سئمنا من تكرارها و ترديدها، و اتسائل هنا لو لم نكن ضعفاء هل كانت هذه الدول تسعى لتشتيتنا؟ ولو كنا متوافقين و متماسكين هل كان احد سيجد ثغرات ليدس فيها سمه؟

لا ابرر هنا افعال اطراف معينه ولكني اريد التذكير فقط بأن العيب الاساسي ليس في ان دولة تستغل ضعفنا ولا في حزب يمزقنا العيب فينا لأننا و بكل اسف غير مؤمنين فعلا بالوحدة فتجد شخص يطالب بحقوق المرأة و المساواة و في بيته يعامل المرأة بكل قساوة و يحرمها، و تجد آخرا ينادي بالوحدة و هو خلف الابواب المغلقة يشتم و يكره الطوائف الاخرى، و آخر يتشدق بالانسانية و في جلساته الخاصة يقف مع الظالمين و يحبهم، فأين الخلل فعلا؟

اصبح المجتمع يعاني من ازدواجية شخصية فاصبح الفرد فأمام الناس مثاليا لأبعد الحدود، و يطالب بكل ماهو جميل و منمق، و في قرارة نفسه لا يؤمن فعلا بذلك، و تبدو الازدواجية واضحةً جدا في من يمارسون كل الرذائل ايام الاسبوع و فجأة يرسلون في يوم الجمعة الآيات و الادعية و “جمعة مباركة” و اعتقد بأننا نعرفهم جيدا فهل هم يؤمنون فعلا؟، و هناك من يقول ان دينه هو دين السلام، وفجأة يوافق اعمال عنفية شنيعة في مكان ما و زمان ما، و لا اخرج من هذا السياق السلطة و بعض الحكام في دعمهم لمثل هذه الاعمال و توليد النفاق و ترهيب الناس.

نهاية اذا كنا كلنا صالحين فمن هم الفاسدين؟، و اذا كنا جميعا صادقين فمن هم الكاذبين؟، و اذا كنا جميعا مخلصين فمن هم الخونة؟، و لنقس على ذلك الكثير من الاشياء  فهل نزل علينا المتطرفون من السماء؟ ام انهم نتاج تراكمات زمنية ساهمنا في بلورتها و انتشارها؟ا، فأظن انه علينا ان نعيد التقييم و ان نخرج من قوقعة خوفنا و نواجه هذا الواقع، و اصبح لزاما علينا اليوم ان لا نرفع ايدينا استسلاما و نقول ليس لي دخل في ذلك لاننا مشاركين بطريقة او بأخرى، فإعتقادنا بأن بعض الاشياء مرفوضة لا يكفي لتغيير الواقع.

ملاحظة: لا قيمة لإعتقاداتنا ان لم تترجم ترجمة عملية على ارض الواقع.

بكيبورد/ حمد الخضري