أقلامهم

سعود السمكة يتساءل ماذا تريد ايران من دول الخليج؟

يطرح الكاتب سعود السمكة تساؤلات حول الأسباب التي تجعل إيران تصرف اهتماماتها وثروات شعبها في التدخل في شؤون دول الخليج كاهتمام أولي بدلا من تنية مؤسساتها الداخلية… ويربط بين أهدافها بعد ثورة الخميني وأهدافها التوسعية خليجيا إبان العصر الملكي قبل 1979

ماذا تريد منا إيران؟
سؤال كبير تطرحه شعوب اقليم الخليج، بمن فيها الشعب الايراني المسلم الصديق، وهو: ماذا تريد الدولة الايرانية بمختلف مكوناتها السياسية التي تشارك بادارة شؤون الدولة من حكومة وبرلمان ومؤسسة تشخيص مصلحة النظام وحرس ثوري الى مقام ولاية الفقيه؟!
حين قامت الثورة الشعبية بقيادة الإمام الخميني عام 1979 على الحكم الملكي السابق استبشرنا ــ نحن شعوب دول مجلس التعاون الذين نشترك مع الجارة المسلمة ايران بأواصر الدين والجيرة ــ خيراً، لاننا كنا قلقين من التطلعات التوسعية للحاكم السابق، وما ينطوي على مثل هذه التطلعات من هواجس تعرقل طموحاتنا، نحن شعوب دول مجلس التعاون، في العمل المشترك مع الجارة المسلمة ايران لانجاز مشاريع التنمية. وكنا على ثقة بأن الثورة ستعمل على ازالة هذه الهواجس من نفوسنا من خلال البدء في المبادرات التي تؤكد حسن النوايا، ومن ثم تعبر عن الرغبة الصادقة في العمل سويا من اجل استقرار دولنا لنتفرغ لبناء مستقبل واعد لابنائنا ينعم بالامن والاستقرار، خاصة ان مبادئ الثورة وما تلتها من شعارات كانت تحض على ذلك.
لكن للاسف لم تكن قراءتنا لتوجهات القيادة الايرانية الجديدة دقيقة، وبالتالي لم يتحقق شيء من تلك التطلعات التي كانت تراودنا في زخم الثورة على نغم شعاراتها.. بل على العكس، فما إن توقفت تلك الحرب اللعينة التي أشعلتها القوى والأطراف غير المسؤولة في كل من البلدين، العراق وايران، والتي كان ثمنها الملايين من البشر من كلا البلدين ومئات المليارات من أموال الشعبين، العراقي والإيراني، التي كانت من الممكن ان تكون درسا قاسيا يستفيد منه النظامان العراقي والايراني لتكريس مقدرات بلديهما لبناء ما دمرته الحرب، نجد ان النظام العراقي قد ازداد شراسة باتجاه تدمير بلده وشعبه حين قرر اجتياح دولة الكويت في محاولة تنم عن الجهل بمبادئ المجتمع الدولي ومصالحه، ومعرضا بلده وشعبه الى مزيد من الدمار! وفي هذا السياق لا يجد المراقب للأحداث ان هناك خلافا في التوجه التوسعي بين النظام العراقي البائد والنظام الثوري الايراني بقيادة ما يسمى الحرس الثوري! على الرغم من الحديث عن النظام المؤسسي القائم على مبدأ هرمية الحكم والمرجعية الدستورية!
ان على القيادة الإيرانية ان تدرك جيدا ان زمن التوسع والقفز على حقائق التاريخ والجغرافيا لم يعد له مكان في هذا الزمن المحكوم بالمواثيق والقرارات الدولية الا في عقول المتخلفين عن التطور الانساني، الذي لم يعد يرفض مبدأ التوسع على حساب الآخرين فحسب، بل يعاقب من يقوم بمثل هذا الفعل بالعواقب الوخيمة.. ولا نعتقد ان العقاب القاسي والمدمر الذي ما زال العراق الشقيق يعاني من آثاره بسبب تهور نظامه السابق حين اجتاح دولة الكويت ببعيد!
كذلك نتمنى ع‍لى الجارة المسلمة ايران بدل ان توجه جهدها البشري والمادي إلى اسلحة الدمار، التي تستنزف اموال الشعب الايراني التي هو في اشد الحاجة اليها، ان توجهها الى التعليم لتمسح به كم الامية الموجودة الآن في اوساط الشعب، وان توجهها للتطبيب لتحارب من خلاله الامراض الفتاكة التي يعاني منها اهل القرى والارياف الايرانية.. وان توجهها للتنمية لاجل رفع المستوى الاقتصادي، الذي بدوره يحد من اعداد البطالة التي اخذت تتزايد منذ تغيير نظام الشاه حتى اليوم بنسب مخيفة!.. ثم قبل هذا وذاك ان تبادر من خلال خطوات عملية الى اثبات حسن النوايا مع جاراتها، دول مجلس التعاون، باعتبار ان هذه الدول هي التي يفترض مع العراق الشقيق تشكل لايران العمق الاقتصادي الذي من شأنه ان يرفع مستوى المعيشة للشعب الايراني.. اما استعراض القوة والتفكير بالعدوان والتوسع فلن يكسب منهما الشعب الايراني الا مزيدا من التراجع الى الخلف!