محليات

"إذا سرق فيهم الضعيف.."
أغذية قتيبة الغانم.. أفسدت البطون وأذهلت العقول

إذا كان قانون الغاب يخوّل للقوي أكل الضعيف، فإن الحكومات الفاسدة تحمي القوي وتقمع الضعيف. ورجل الأعمال قتيبة الغانم من الأقوياء، بل من أقواهم، لذلك وجب على الحكومة حمايته، فهبّت لنجدة البنك الذي يستند إليه قتيبة الغانم بعد خسارته 359.5 مليون دينار في العام 2008.


 كان للخبر وقع الصاعقة على الناس لكنهم تحملوه، وتظاهروا بتصديق حجة الحكومة “تدخلنا من أجل حماية ودائع الناس وأموالهم”، وأغمضوا عيونهم عن طريقة قتيبة في التصرف مع الصحفيين في مؤتمره الصحفي الذي عقده وقتذاك، عندما أبدى استغرابه من زيادة عدد الصحف، ليثبت أنه كان خارج نطاق الكويت.


استمرت الحياة برتابتها وفسادها، واستيقظ الناس على خبر القبض على كميات مهولة من الأغذية الفاسدة، تلاه خبر مماثل، فخبر ثالث، فرابع، فأصيب الناس بهلع لم يخفف من حدته سوى إعلان الحكومة التوصل إلى أسماء تجار الأغذية الفاسدة دون أن تكشفها، فتقافزت الأسئلة الغاضبة بأدواتها الاستفهامية: “لماذا لم تفضحهم الحكومة؟ ومتى ستعلن أسماءهم؟ ومن هم هؤلاء؟”.. هنا برز القضاء الكويتي بشموخه ليعلن الحكم في أول درجاته على أحد تجار الأغذية الفاسدة بالسجن مدة ستة أشهر مع النفاذ، فتضاعفت الأسئلة لكن بعلامات أكبر هذه المرة: “ما الذي ينقص قتيبة من مال ليقدم على مثل هذا؟ وهل سيتم تنفيذ الحكم عليه كما حدث مع الآخرين (محمد الجاسم وخالد الفضالة.. مثالاً) خصوصاً وأن الحكومة لا تنفك تردد موّالها اليومي “سنطبق القانون على الجميع دون تفرقة.. القانون هو مسطرة قياسنا”؟..


 هذا ما طرحه الحالمون من أسئلة، اضطر الواقع عند سماعها إلى اخراج لسانه لهم، وراح يذكرهم بالأحداث وتوقيتاتها ويراجعها معهم:


– في تاريخ 18/4/2011 صدر الحكم بإدانة قتيبة وسجنه.


– في تاريخ 26/4/2011 تساءل النائب مسلم البراك عن سبب عدم تنفيذ الحكم. كان هذا في الثانية ظهراً.


 – في اليوم نفسه، وفي الخامسة مساءً، أي بعد تصريح النائب البراك، وردت سبر أنباء عن مغادرة المتهم قتيبة الغانم البلاد عبر مطار الشيخ سعد العبد الله على طائرة خاصة أردنية.


 – في اليوم التالي 27/4/2011 تقدم محامي المتهم بطلب استئناف الحكم وإيقاف التنفيذ، فأوقف التنفيذ.


 – وفي 2/5/2011 تأجلت القضية.


 وكما نرى.. غادر المتهم البلاد قبل أن يتم وقف التنفيذ بعد أن أدى القضاء الكويتي ما عليه من مسؤولية ورمى الكرة في ملعب الحكومة التي تعاملت مع القضية ككرة من نار، راحت تتقاذفها بين يديها متحملة آلام الحرق في سبيل حماية المتهم، في حين فغر البسطاء أفواههم وانحنوا للواقع كما انحنت حكومتهم لكبار تجار الأغذية الفاسدة، واستذكروا وقفة حكومتهم مع المتهمين بالتزوير من أنصارها، ليخلصوا إلى نتيجة مؤلمة مفادها “كن مع الحكومة وافعل ما بدا لك فأنت في الكويت وفي ظل حكومات سمو الشيخ ناصر المحمد”.


 على أن أفعال الحكومة هذه ليست مستغربة، لكن المستغرب هو صمت بعض الصحف والكتّاب الذين يشهرون سيوفهم في القضايا التي تخص البسطاء، كزيادة الراتب 50 ديناراً مثلاً، بحجة الحفاظ على أموال الدولة، ويصمتون صمت القبور أمام فساد الجبابرة.