كتاب سبر

حمالة الحطب….و أصدقاؤها !!

أصبح من الواضح للمهتم بالشأن السياسي الداخلي أن خيارات الحكومة و أساليبها في التعامل مع أدوات الرقابة البرلمانية باتت محصورة في مجموعة من الخيارات الواقعية التقليدية وهي إما اللجوء للمحكمة الدستورية أو الإحالة للجنة التشريعية أو طلب السرية أو التأجيل ( وإن كان الأخير خيارا حديثا نسبيا ,قياسا بباقي الخيارات الأخرى المستهلكة, وهو من وجهة نظري نتاج الإبداع الذهني لمهندس المرحلة و صديق “حمالة الحطب” و صاحب نظرية التعديلات الدستورية ….ومضمونها ” إنك تستطيع تعديل كل شيء في إي وقت ولأي سبب…..وبكل سهولة”).

أما الأدوات المصاحبة لاستعمال أي من هذه الخيارات فهي أيضا مكررة و مستهلكة, فإشغال الرأي العام بطرح ملفات شديدة الخطورة و عرضها عن طريق أشخاص غير مدركين لخطورة ما يقومون به ,مع تسليط الضوء عليها إعلاميا عن طريق مؤسسات إعلامية و صحفيون لا يتوافر لهم الحد الأدنى من المهنية و يتمتعون باستعداد ذاتي للقيام بكل ماهو شاذ و بأثمان تتفاوت بحسب نوع المؤسسة و شطارة الصحفي و ذلك كله في معزل عن الكلفة الباهظة على النظام السياسي و أمن المجتمع.

 صاحب هذه المرحلة ظهور طبقة من المهرجين و أشباه المهرجين المتواجدين بكثافة متزايدة مع كل حدث سياسي و كنتيجة للإغراءات المادية و العينية المقدمة  لكل صوت يتحدث باسم الحكومة, بعد فشل الحكومة المتكرر في القيام بأبسط مهامها و هو الخطاب العام و بصرف النظر عن اقتناع الناس به من عدمه ,مما أنتج  استعمالات مضحكة ستدخل في يوم من الأيام في باب الطرف السياسية و لعل من أشهرها استخدام فرقة شعبية في ساحة الإرادة بالتزامن مع طلب إعلان عدم التعاون مع رئيس الوزراء في رمزية مضحكة لحكومة رفضها الشعب و أيدها ” الهبان” . ووضعت الأقدار رئيس هذه الفرقة في واجهة الحدث السياسي مع سياسيين مؤيدين للحكومة كالسيدة سلوى الجسار و الآنسة رولا دشتي و الإمام السابق علي العمير و المؤذن السابق خالد العدوة و النائب السابق خلف دميثير ! 

و لعل سوء الوضع السياسي هو ما جرأ مهرجين رسميين و قطاع خاص لاستخدام ذات الوسائل و انتهاج ذات الطرق بل أنهم في الغالب يستخدمون ذات العبارات في خطابات التأييد و نقد الخصوم من المعارضين للسياسات الحكومية الغير موجودة أصلا , حتى انه يبدو للمتابع أن عبارات ك” مو هذي الكويت اللي نعرفها”, “مو هذي عوايدنا” “مو هذي أخلاقنا” “نبي تنمية” كفاية تأزيم” أصبحت مألوفة في المصطلح السياسي. وهو الأمر الذي جعل هذه المنهجية الساذجة و المكررة مملة و غير مثيرة للانتباه. ولعل هذا ما يفسر صمت و انسحاب الكثير من هذه الأبواق فجأة نتيجة لتسارع الأحداث و تناقض المواقف مما يجعل تبريرهم لمواقف سابقة أمرا في غاية الحرج.

إلا أن الملفت للنظر في المشهد الحالي أن الصامدين من هؤلاء حتى اللحظة دون خجل أو حياء هم قلة بدأت مع بداية النهج الجديد ولازالت صامدة ك”حمالة الحطب”  التي لاتزال تمارس طقوس الشعوذة بجرأتها غير المسبوقة على الإساءة للمجتمع و تقريبها للشواذ (فكريا) و المتخلفين عقليا , بل و في توجيهها أحيانا نقدا للسلطة يحمل في طياته الكثير من العتب و الازدراء و التحقير و الأغرب من ذلك سرعة الاستجابة لمطالبها , وهو أمر يثير علامات استفهام حول مصدر هذا النفوذ غير المستحق لسيدة شبه منحرفة ( بالمعنى الهندسي لا السلوكي). 

بجانبها يوجد المهرج الأشهر و هو كائن يجمع بين خصائص الزواحف و القوارض ,فولادة هذا الشئ هي بحد ذاتها لغزا يستحق البحث, و كذلك حياته التي بدأت بائسة و استمرت مضحكة و ستنتهي حزينة بلا شك, لكن أجمل مافي هذه المسيرة انه الوحيد الذي عرى المجتمع فوضع حدا فاصلا بين الاحترام و الإدعاء به, و فضحت ممارساته الكثيرين ممن يقتاتون على تمزيق المجتمع و العبث بمكوناته و يتمنون لو كانت لديهم القدرة على النطق بما كان هذا الأحمق يتفوه به.  وحتى أن دخوله المصطنع للمستشفى سجل كحدث وطني جعل الكثيرين يتدافعون لزيارته معلنين الدعم و التأييد له, علما اننا لم نرى واحدا من هؤلاء في استقبال شهداء الوطن و الواجب!!. لكننا سنراهم غدا في الصفوف الأمامية في المناسبات يلقون الخطب في حب الوطن و ضرورة المحافظة على وحدة المجتمع. ! 

في هذه الأجواء الرديئة ظهر “أجير آخر” ليهزأ بقبيلة عريقة رسمت مع غيرها من القبائل الحدود الجغرافية للجزيرة العربية, و شكلت مع غيرها من القبائل و الأسر الجزء الأساسي للنسيج الاجتماعي و رسمت صورة الهوية الوطنية للمجتمع و الدولة على حد سواء. مما يجعل المساس بهذا المكون مساسا بالأمن الوطني .إلا أنه بلا شك لا ينطق بدافع شخصي بل مدفوعا بطلب والخشية …أن يكون رسميا و مدفوع الثمن أيضا, فتحدث هذا المأجور ليحدد معايير الوطنية و الانتماء و ليقضي في عباراته العنصرية على آخر ما تبقى من رصيد احترام هذه الحكومة التي تعتبر أن تمزيق صورة رئيسها جريمة لا تغتفر لكن الطعن بكرامة و اعتبار المكون الأساسي لمجتمعات الجزيرة العربية أمرا عاديا. فلا نملك أمام هذا الوضع الشاذ إلا أن نقول اللهم اجعل هذا البلد آمنا.