كتاب سبر

الشيخ ناصر ومومساته

السيد دوغلاس مكارثر، جنرال الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، الذي حكم اليابان بعد الحرب، كان من الرجال الذين لا يقاومون الجمال الأنثوي..


وبعد انتهاء الحرب، احتفت أمريكا بأبطالها البارزين وأقامت لهم حفلات التكريم، ومنهم صاحبنا النسونجي مكارثر، فرأى في الحفل سيدة فاتنة، تقف هناك بكل شموخ وخيلاء، فسأل عنها، فقيل له إنها زوجة المليونير فلان، فأفرط مكارثر في شرب الخمرة إلى أن “استوت عنده الأمور”، فاقترب منها وصافحها وهمس في أذنها: “هل ترافقينني إلى غرفتي مقابل مليون دولار؟” – المليون دولار في عام 1945 يعادل نحو مئة مليون دولار في عام 2011 – فعقدت الدهشة لسانها وبلعت ريقها، قبل أن ينفرج فمها عن ابتسامة تغلف كلماتها: “من أجل البطل مكارثر نتنازل عن بعض مبادئنا”، وبعد أن جلست على طرف سريره، نفث دخان غليونه إلى الأعلى وقال بصوت خفيض: “سأعطيك دولاراً واحداً فقط”، فاستشاطت غضباً: “دولاراً واحداً؟ أي نوع من النساء تظنني؟”، فأجاب بصوته الخفيض المعتاد: “أما أي نوع من النساء، فقد عرفتُ من أي نوع أنتِ، أما حكاية المبلغ وكم تستحقين فلنتفاوض، أنا عرضت دولاراً واحداً فاعرضي الرقم الذي يرضيكِ أيتها المومس”.


وليس بالضرورة أن تكون المومس امرأة تعمل في هذا المجال، فالنائب الذي يتفاوض بنظام “أي نوع من النواب تظنني؟” هو مومس وإن كبُرَ منصبه ورصيده، وناشرو الصحف وأصحاب الفضائيات وكتّاب الرأي والوجهاء وشيوخ القبائل وعمداء العوائل والتجار ووو الذين يجلسون على طرف السرير هم مومسات، وإن ارتدوا “البشوت” وركبوا “البانيميرا”.


والبانيميرا في الكويت في عهد الشيخ ناصر المحمد تحولت إلى “روج أحمر فاقع”، وفي عهده انتشرت “المَوْمَسة” في الإعلام، وفي البرلمان، وفي الحكومة، وفي المجتمع.. حتى ثقافة المومسات وطريقة تفكيرهن ولغتهن انتشرت، بل طغت وسيطرت.


كل هذه المَوْمَسة من أجل أن يحقق الشيخ ناصر أهدافه، وسيحققها إذا بقيت الأمور تمشي كما يخطط لها.. ولا أقول إن الكويت تخلو من المومسات اللاتي لا يرعاهن الشيخ ناصر، لكنهن بالتأكيد لم يكنّ بهذه الكثرة وبهذا الانتشار. ويبدو لي أن أسعارهن انخفضت بشدة وستنخفض أكثر، فالقاعدة التجارية تقول: “كلما ازداد العرض انخفض الطلب”.


ورئيس الحكومة ليس الوحيد الذي يعتمد على “المَوْمَسة” النيابية والإعلامية، بل ينافسه رئيس البرلمان السيد جاسم الخرافي الذي جلس على كرسيه بفضل “المَوْمَسة” النيابية والإعلامية كذلك.


وقد يكون المرء “مومساً” هنا و”مُمَوْمِساً” هناك، بحسب الشخص المقابل أو الجهة المقابلة.


وما يهمني الآن هو مراقبة الخطوة المقبلة للشيخ ناصر بعد أن “طعن” الشيخ أحمد الفهد طعنة أظنها مميتة، قد ينجو الفهد منها وقد لا ينجو، على أن الثانية أقرب من الأولى.. فبعد “إقصاء” أحمد الفهد، أظن أن الدور المقبل على الشيخ أحمد الحمود أو الشيخ محمد الصباح أو الشيخ جابر المبارك، أيهم أقرب، ما لم ينتبهوا إلى أنفسهم، و”يشقّوا جيوبهم” بعد أن تحول البرلمان إلى “كرخانة” البقاء فيها للأغنى، إلا من رحم ربي.


ومن يهزأ بدور المومسات في صناعة التاريخ عليه إعادة قراءة التاريخ مرة أخرى، فالثورة الفرنسية بجلالة عظمتها، استعان فيها “روبسبيير” – قائد الثورة – بالمومسات، بل ارتدى بنفسه لباساً يشبه لباسهن واختبأ بينهن قبل اقتحام القصر الملكي.


ويبقى السؤال: من الذي سيكون الهدف المقبل لمومسات الشيخ ناصر.. محمد الصباح أم أحمد الحمود أم جابر المبارك؟ علِّقوا الروزنامات واضبطوا ساعاتكم وترقبوا تساقط الشيوخ بعد أن أصبحت حرب الأسرة الحاكمة علنية.. وبعد أن تقدمت المومسات الصفوف.