محليات

تفعيل رأس المال أستحوذ على 45.4 بالمئة منها
“اتجاهات “: مضامين كلمة الأمير عالجت 6 موضوعات رئيسية

– كشف عن وجود مقومات محددة للحفاظ على الكويت كوطن قوي ومعاف في إدراكه الفكري والمعرفي.

– “اتجاهات” حلل مضامين كلمة الأمير: عالجت 6 موضوعات رئيسية وتفعيل رأس المال الاجتماعي أستحوذ على 45.4% منها.

– الوطن (الكويت) يحتل أهمية مركزية في فكر سمو الأمير صباح الأحمد تفوق ما عداها من اهتمامات.

 – سمو الأمير يتعامل مع مسئولية الحكم باعتبارها “أمانة” وهدفه حماية مصالح الوطن ضد أي أخطار داخلية أو خارجية.

– التلاحم الشعبي ، وتواصل الحراك الجيلي، والحفاظ على رأس المال الاجتماعي والتماسك الكويتي الداخلي، وترسيخ النظام الديمقراطي، والاهتمام بالعنصر الشبابي، وممارسة النقد الذاتي.

أجرى مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث الذي يترأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة، تحليل مضمون، لكلمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه إلى المواطنين التي ألقيت أول من أمس، والتي تتكون من 22 فقرة، عالجت 6 موضوعات رئيسية وهي: التلاحم الشعبي ، وتواصل الحراك الجيلي، والحفاظ على رأس المال الاجتماعي والتماسك الكويتي الداخلي، وترسيخ النظام الديمقراطي، والاهتمام بالعنصر الشبابي، وممارسة النقد الذاتي. وخلص التحليل إلى استحواذ مسألة تفعيل رأس المال الاجتماعي الكويتي على اهتمام كلمة سمو الأمير بنسبة 45.4% من إجمالي الموضوعات التي اهتم بها سموه  إذ وجه رسالة إلى المجتمع بكافة عناصره للبناء على مرتكزات القوة والتغلب على مكامن الضعف لأن الكويت مقبلة على ما يسميه المؤرخون “مسئولية اللحظة التاريخية”.

ويكشف تحليل مضمون كلمة سمو الأمير عن وجود مقومات محددة للحفاظ على الكويت كوطن قوي ومعاف، في إدراكه الفكري والمعرفي، على النحو التالي:

القيادة الأبوية

(*) التلاحم الشعبي الأميري: إن مسيرة تواصل الأجيال المتعاقبة التي عرفتها الكويت على مدار تاريخها مرتبطة بالأساس بمثلث القيادة والنخبة والمجتمع، أي مرتبطة بالقمة والقاعدة في آن واحد، وهو ما يشير إلى أن عمق العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي التي تبرر مدى الشغف الكويتي بصحة قائدهم وحالة أميرهم حينما أجرى فحوصات طبية في الخارج، لاسيما وأن الأمير يجسد ما يسمى بـ “القيادة الأبوية”، لجميع قطاعات المجتمع الكويتي، من نساء ورجال وشباب وشياب، وهو ما اتضح في الفقرتين الأوليتين في كلمة سموه حينما عبر عن المشاعر الفياضة والدعوات الصادقة من جانب أبناء المجتمع له، لأن الأمير يتعامل مع مسئولية الحكم باعتبارها “أمانة”. كما أن هناك عبارة بليغة صاغها سمو الأمير تعبر عن الانزعاج مما هو قائم على الساحة المحلية، ويريد إشراك أبناء وبنات وطنه معه وهي “أتقاسم معكم هواجسي ومشاعري إزاء ما تشهده ساحتنا المحلية من أحداث وتطورات”.

قوة الوطن

(*) تواصل الحراك الجيلي، بمعنى أن قوة الوطن وفقاً لتصور سمو الأمير حفظه الله مرتبطة بخطوات متراكمة في مجالات مختلفة من قبل قادة سابقين يكمل مسيرتهم قادة لاحقين. وهنا يمكن الإشارة إلى عدد من العبارات التي تؤيد هذا الاتجاه مثل “نكرس الوفاء للأجيال السابقة” و”هؤلاء هم أبناء الكويت وهذا دأبهم على مر الأجيال المتعاقبة”. فضلا عن ذلك يتم التذكير من جانب سموه باللحظات التاريخية الكبرى في عمر الوطن والتي يظهر فيها المعدن الحقيقي والصلب للمواطن الكويتي مثل ما حدث إبان الغزو العراقي الغاشم للكويت في 2 أغسطس 1990. وفي هذا السياق، يقول سمو الأمير في كلمته “نستذكر بالفخر والاعتزاز معاني الثبات والصمود التي واجه بها شعبا الأبي أقسى محنة عرفها تاريخنا الحديث ستظل ماثلة في ذاكراتنا وقد سالت فيها دماء الشهداء الأبطال واحتجز فيها ابناؤنا الأبرياء في غياهب المعتقلات وتعرض فيها بلدنا للتخريب والدمار فتوحدت الكويت كلها على قلب واحد ووقف الكويتيون وقفة صلبة شجاعة رجالا ونساء شيوخا وأطفالا نملأ نفوسهم كرامة الوطن وتنبض قلوبهم بعزته وشموخه فهانت في سبيله التضحيات”.

إن الوطن (الكويت) يحتل أهمية مركزية في فكر سمو الأمير صباح الأحمد تفوق ما عداها من اهتمامات، حيث تعد أكثر الكلمات تكرارية في كلمته، بلغت 22 مرة، حيث ذكر “الوطن” و” وطنه” و”وطني” و”وطنهم” و”أرض الكويت الطيبة” و”أرض الوطن العزيز” و”كويتنا الغالية هي الملاذ” و”الوطن الخالد الحصين”. فدولة الكويت، وفقاً لرؤية وفكر سموه، هي “الأسرة الكويتية الواحدة المتحابة المتوادة والمتواصلة” “والملاذ والوطن الغالي الحصين”. كما يدعو في موضع أخر إلى “التفاني في حمايتها والحفاظ على سلامتها ووحدتها والعمل من أجل رفعتها” ويطالب بـ “بقاء الكويت قوية شامخة” و”كويتنا العالية” و”الكويت لجميع ابنائها ومقياس التفاضل بينهم هو العطاء والإخلاص” و”أن تكون الكويت أولا ونحن جميعا في خدمتها” و”لتكون مصلحة الكويت دائما وأبدا هي العليا وسابقة لكل اعتبار”.

إعلاء قيمة الوطن

 (*) تفعيل رأس المال الاجتماعي. استحوذت هذه المسألة على اهتمام سمو الأمير حيث إن التطور الذي يحدث في المجتمع مرهون بمدى ازدياد الثقة بين الفئات المكونة لهذا المجتمع، سواء كانت حكومة أو معارضة، والتعاون المتزايد بين أفراده، وهي فرضية شهيرة سبق أن طرحها عالم السياسة الأمريكي فرنسيس فوكاياما في مؤلفه “الثقة: الفضائل الاجتماعية وتحقيق الازدهار” منذ سنوات. وفي هذا السياق، يأتي إدراك أمير الكويت لكيفية تطور البلاد المرتبط بشكل وثيق بكثافة الثقة الفردية والجماعية، من خلال استعماله المتزايد لعبارات مثل “الأسرة الكويتية الواحدة” و”روح الأسرة الواحدة” و”التأزر في السراء والضراء و”روابط المصير المشترك” و”غالبوا الصعاب وواجهوا التحديات” و”مجتمع تسوده كل أسباب الألفة والمودة والتلاحم” و”لنعمل متعاضدين قلبا واحدا ويدا واحدة”.

ووفقا لرؤية سموه، إن مسئولية البناء هي مسئولية جماعية بالأساس وليست مسئولية فردية، كما أن التعاون المستهدف من عملية بناء وتطوير الوطن، يستلزم إعلاء قيمة المصلحة الجماعية أي مصلحة الوطن العليا لتكون فوق المصلحة الخاصة الدنيا، وتجاهل المنافع الشخصية (الذاتية)، فالهدف واحد لدى الحاكم والمحكوم وهو حماية وصون مصالح الوطن ضد أي أخطار داخلية وتهديدات خارجية. فقد أكد سموه في كلمته “علينا جميعا مسئولية الحفاظ على أمن بلدنا وأن ندرك شرور الفوضى والخروج عن الأطر التي يحكمها القانون”. كما أشار في موضع أخر إلى أن “أمن البلد واستقراره وسلامة ابناؤه وممتلكاته أمر يحتاج منا جميعا إلى احترام القوانينن والالتزام بها وهي مسئولية تقع على كل مواطن”.

إن سمو الأمير يهتم أيضا بمواجهة الانقسام الاجتماعي، فهناك إدراك حقيقي لدى سموه بأن الانتماءات الضيقة والولاءات التقليدية لدى البعض مازالت تدور حول العلاقات الأولية أو الشخصية، أي علاقة فرد بقبيلته أو عشيرته أو طائفته، بدلاً من علاقة مواطن بوطنه أو فرد بمجتمعه، ولا تركز الهوية حول هذا الوطن، بل شهدنا محاولات للإساءة للوطن، الأمر الذي يفرض أن يقف المجتمع الكويتي صفاً واحداً ضد هذه الإساءات، وهو ما عبر عنه سمو الأمير في كلمته قائلا “أننا شعب لا يحتمل التفرقة والانقسام وعلينا أن نعي أن الأخطار والتحديات كثيرة في ظل التطورات التي تمر بها المنطقة والعالم بأسره”. 

وطالب في موضع أخر بـ “أن نحول الولاء للوطن من شعار نتغنى به إلى ممارسة جادة لواجبات المواطنة الحقة تضيف للوطن وترفع من شأنه محافظين على وحدتنا الوطنية”، ويقول سمو الأمير في أحد فقرات كلمته السامية “أن وحدتنا الوطنية هي الأساس المتين والقاعدة الصلبة التي انطلقت منها الملاحم البطولية المشرفة لأبناء الكويت بكافة شرائحهم لتضيف إلى تاريخنا أنصع وأروع صفحاته الخالدة”، ودعا إلى “أن نترفع عن التحزب والتعصب والتناحر ونرفض الفتنة والفرقة والانقسام” ويؤكد أنه “لا وجود ولا عزة لنا إلا بوحدتنا”.

حماية الدستور

(*) ترسيخ النهج الديمقراطي. إن التوجه الأساسي الحاكم لفكر سمو الأمير هو “دمقرطة” الكويت، ويرتبط هذا التحول نحو الديمقراطية بعدة مؤشرات منها إرساء بنية المؤسسات وترسيخ احترام القانون واحترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة وتطوير مؤسسات المجتمع المدني وحرية تداول المعلومات وانفتاح الإعلام ومحاربة الفساد. ولاشك أن النموذج الكويتي في التحول الديمقراطي يجعلها رائدة على مستوى المنطقة العربية، وهو ما عبر عنه سمو الأمير قائلا “نحن ننعم بفضل الله بنهج ديمقراطي حقيقي اخترناه جميعا ودستور شامل متكامل نفخر به وبرلمان منتخب ومؤسسات إعلامية حرة”.

ويقع في قلب النهج الديمقراطي الدستور باعتباره أبو القوانين كما يقول أرسطو، ويؤكد سمو الأمير في كلمته في موضع أخر “أنني من يحمي الدستور ولن أسمح بأي مساس به فهو الضمانة الحقيقية لاستقرار نظامنا السياسي والدعامة الرئيسية لأمن بلدنا وأن إيماننا راسخ بنهجنا الديمقراطي ولن نقبل عنه بديلا فهو متجذر ثابت في وجدان أهل الكويت توارثوه وتمسكوا به جيلا بعد جيل”. وأضاف “واجبنا جميعا أن نعمل ليظل جوهر الديمقراطية صافيا ناقيا وأن تكون ممارسة الحرية طريق بناء وعمل وإنجاز يدعم مقومات الدولة ولا يضعفها ويجمع صفوفها ولا يفرقها”.

وفي هذا السياق، فإن ثمة تحدي يهدد جهود بناء الوطن وفقاً لرؤية سمو الأمير، بما يؤدي إلى الأضرار بالمصالح العليا للوطن، وقد يقود إلى التفرقة بين أبناء الوطن ويمس بالوحدة الوطنية، والانشغال عن القضايا الرئيسية بالاهتمام بالقضايا الهامشية ويتمثل ذلك التحدي، في إساءة استخدام المسلك الديمقراطي. فقد شهدت ساحة مجلس الأمة خلال السنوات الماضية ممارسات من شأنها استخدام أدوات ديمقراطية لكنها تقود إلى مصادمات لا تخدم التجربة الديمقراطية، بما أدى إلى زيادة الاحتقان بين الحكم والمعارضة.

ورغم أن الاستجواب هو حق أصيل للنائب تحت قبة البرلمان، إلا أن الإفراط في استخدامه والتعسف في تنفيذه، قد يؤدى إلى نتائج عكسية، وهو ما عبر عنه سمو الأمير في كلمته “ما يجري تحت قبة البرلمان من ممارسات تخرج عن إطار الدستور وتتجاوز مقتضيات المصلحة الوطنية تتسم بالتعسف وتسجيل المواقف وتصفية الحسابات والشخصانية المقيتة. وقد تجاوزت ممارسات البعض الحدود والضوابط التي وضعها الدستور لحماية الديمقراطية وانزلق البعض إلى محاولات تكريس ثقافة غريبة على مجتمعنا قوامها الخروج عن القيم الكويتية الفاضلة المعهودة وانحدار لغة الحوار والتخاطب وانتهاء الدستور والقانون وتجاوز ضوابط الحرية وحدودها لتطال حرية الأخرين والمساس بكرامتهم”. ومن الملاحظ أن هناك بعض الفئات المجتمعية تحاول تجاوز القانون والخروج عن الشرعية، وإثارة المشكلات مع مؤسسات الدولة. ويرى سموه أنه لعل ما يثير التساؤل والاستغراب، ما برز مؤخراً من مظاهر مستجدة تمثلت في استمرار مخالفة القانون والتحريض على تجاوزه، وكذلك المساس بالمؤسسات الرسمية، والإساءة إلى المسئولين فيها بما ينال من هيبة الدولة ومكانتها. 

الشباب أساس التنمية

(*) الاهتمام بالعنصر الشبابي، من الواضح أن سمو الأمير في هذه الكلمة يعطي اهتماما متزايدا بالشرائح الشابة في المجتمع الكويتي لأنه سيتولى المسئولية، كل في مجاله ونطاق تخصصه في المرحلة القادمة، كما أن الشباب هم أساس التنمية المستدامة وركيزتها في الوقت نفسه من خلال محاولة غرس القيم النبيلة التي تهدف إلى زيادة وعيه وانتمائه وحبه لوطنه والعمل الجاد والإخلاص له من أجل تحقيق الازدهار المنشود له. وفي هذا السياق، يقول الأمير “إن كنا نتحدث عن الأمن والمستقبل فإن ابناؤنا الشباب ركيزة الأمن ومادة المستقبل وهم المد المتجدد والطاقة المحركة للحاضر والمستقبل والعقول والنفوس آنية لا تظل فارغة أبدا وإذا لم يملأها الفكر الإيجابي المستقيم ملأتها الأفكار المشوهة والهدامة. وهذه أمانة كبرى يشترك فيها الأسرة والمدرسة والمسجد والنادي ومؤسسات المجتمع قاطبة وعلينا أن نوليها جل اهتمامنا ورعايتنا”.

كما أن الروح التي يتمتع بها الشباب الكويتي هي التي تجعله بمثابة حائط صد منيع للفيروسات المجتمعية والسياسية المنتشرة، وهو ما أشار إليه سموه قائلا “أنها دعوة لأهل الكويت جميعا لفزعة وطنية جامعة..ودعوة لأبنائي الشباب على وجه الخصوص للحفاظ على الروح الكويتية المعهودة لبناء سور الوحدة الوطنية الذي يحفظ أمنها ويصون ثوابتها.. أدعوكم للانشغال ببناء كويت المستقبل وبث روح الأمل والتفاؤل وتوجيه الجهود نحو ما ينفع الوطن فليس أمامنا غير النجاح وهو مسئولياتنا المشتركة وقدرنا ونحن بعون الله على مستوى أقدارنا”.

(*) ممارسة النقد الذاتي. إن أحد الركائز الأساسية للسياسات الناجحة تقوم عليها نهضة أي دولة هو ممارسة النقد الذاتي والتعلم من تجارب الذات وتجارب الأخر، على نحو ما فعلته دول عديدة عرفت سبل التقدم ومسالك التغيير نحو النهضة. وفي هذا الإطار، يدعو سمو الأمير إلى أن “نستلهم الدروس والعبر فالحكيم من اتعظ بتجارب غيره”. 

جدول يوضح الأفكار الرئيسية التي تضمنتها كلمة سمو الأمير إلى المواطنين: