أقلامهم

ذعار الرشيدي يشرح لصديقه قصة أحجار الرخام في جامعة الكويت التي كلفت أكثر من تسعة ملايين دينار كويتي في أسوأ شكل من أشكال هدر المال العام

قطعتا رخام ب9 ملايين دينار!


ذعار الرشيدي


عاتبني كثيرا بل بالغ في عتبه علي قائلا: اغلب مقالاتك الاخيرة تركز على اللصوصية في الكويت حتى اننا بتنا نعتقد فعلا انه لا يوجد مشروع تشرف عليه الحكومة الا وكان له من السرقة نصيب، لم ادافع عن نفسي ولكنني عرضت عليه اخر تجاوز تم على المال العام وسواء تم التجاوز بإهمال او تعمد ففي كلتا الحالتين لابد من محاسبة المسؤول عن ضياع 9.2 ملايين دينار من مالنا العام في المشروع الذي يخص جامعة الكويت، وهو المشروع الذي اثبت ان اغلى قطع الرخام في العالم تباع في الكويت، اذ وبحسب المشروع فإن قطعة رخام التلبيس الواحدة تكلف، وكما يظهر من واقع ارقام اوراق المناقصة 2250 دينارا وهو رقم خيالي ولاشك ولا علاقة له بالمنطق ولا بأسعار السوق البيضاء ولا السوداء، فالمشروع كلف الجامعة 9.2 ملايين دينار لتلبيس مبنيين تابعين للجامعة بـ 41 الف قطعة رخام «وعليكم الحساب».
التجاوز هنا ليس في الرقم الخيالي، بل في طريقة التعاطي مع المناقصة ككل والتي ناقشها اعضاء لجنة الميزانيات في مجلس الامة قبل اسبوعين بحضور مسؤولين من الجامعة الذين حاولوا التبرير دفاعا عن ضياع هذه الملايين.


ولنأخذ حكاية المشروع منذ بدايته، فقد تعاقدت الجامعة مع شركة محلية لتلبيس مبنيين بـ 41 الف قطعة رخام بمناقصة تبلغ قيمتها 8.6 ملايين دينار، وقامت الشركة بتنفيذ كامل بنود العقد، وانتهت من المشروع في موعده، غير ان مسؤولي الجامعة رأوا ـ ولاحظوا الدقة هنا ـ ان حجرين من اصل الـ 41 الف حجر لم يتم تركيبهما بطريقة صحيحة، وعليه تعهدت الشركة باصلاح خلل «الحجرين»، الا ان المسؤولين في الجامعة كابروا ورفضوا هذا الامر وقرروا عدم منح الشركة مستحقاتها وعذرهم «الحجرين»، فلجأت الشركة الى القضاء لتحصيل حقها من الجامعة، وبينما كانت الشركة تسير في اجراءات التقاضي قام مسؤولو الجامعة بالتعاقد مع شركة اخرى للقيام بذات المناقصة ورست على شركة اخرى بقيمة 600 الف دينار فقط، رغم تحذيرات لجنة الميزانيات للجامعة بألا تقوم بطلب مناقصة ذات المشروع لحين الفصل في قضية الشركة الاولى ولكن الاخوة في الجامعة «طنشوا» ومنحوا الشركة الثانية العقد بقيمة 600 الف دينار لاصلاح خلل «الحجرين» وتم الدفع للشركة الثانية بكامل المبلغ الجديد، وبعدها بأيام صدر حكم قضائي لصالح الشركة الاولى التي قامت بالتلبيس الرخامي اول مرة يلزم الجامعة بدفع مبلغ 8.6 ملايين دينار، وبهذا يكون مسؤولو الجامعة قد كلفونا 9.2 ملايين دينار بسبب حجرين تم تركيبهما خطأ.


وبعد ان رويت كامل تفاصيل المناقصتين الموجودتين في لجنة الميزانيات بمجلس الامة التفت إلى معاتبي وقلت له: «الآن.. هل ما رويته لك يكفيك ام تريدني ان ابلغك عن قصة اللابتوبات»، سكت وقال: «واين الحكومة؟» ضحكت وقلت «هم الحكومة اليسوا جزءا منها.. شلونك انت زين؟!».