كتاب سبر

استثمار مجلس الأمة وسلاح الوطن

العنوان الكبير الذي تصدر الصفحة الأولى بجريدة القبس يوم السبت الفائت عن ضخ أموال في حسابات بعض النواب كان خبراً مثيراً للقلق و لكنه لم يكن مستغرباً. فنحن تعودنا في عهد النهج الحكومي على الحديث همساً و جهراً عن المال السياسي و دوره في رسم القرارات الكبرى و تنفيذها. والأمر لا يتوقف عند ذلك، فقد أصبح المال السياسي كظاهرة له طرائقه و مآسيه التي لم تعد خافية على أحد. 

ولكن ما يقلق حقاً هو توقيت هذا التدفق للمال السياسي؟ و دون الحاجة إلى التعجب في إطلاق الأحكام و القفز على النتائج، إذ أن الحكومة الحالية قد فشلت في تسجيل إنجاز يحسب لها على الرغم من أنها تتمتع  بأكثريه نيابية تدعمها. فهناك فشل كبير لا زال إلى الآن يعكسه التعامل مع خطة التنمية المنشودة التي حتى الآن لم تتعامل معها الحكومة بالجدية المطلوبة. هناك فشل كبير في قدرة الحكومة على وضع الخطط و تنفيذها و ذلك يشمل كافة ما هو مفترض منها القيام به بوصفها حكومة ..!!

هذا العجز عن التخطيط و التنفيذ أصبح كارثة حقيقية مع ظهور الغسيل الوسخ للفساد في كل مكان و تفشي الاعتداء على المال العام حتى أصبح جزءاً من الممارسات المعتادة و الروتينية في الكويت، و كذلك عدم تطور الخدمات و تعميمها على كافة المواطنين، إلى الدرجة التي تحولت فيها هذه الحكومة إلى مجرد شبح نراه يحوم هنا و هناك دون أن نلمس تأثيره و فاعليته.

أعود مرة أخرى إلى المال الذي ذهب إلى حسابات بعض النواب — حسب ما أوردته جريدة القبس — فأقول إن تلك كارثة حقيقية إن صدق هذا الخبر. إذ أن التكتيك بدأ يتضح دون أي رتوش، فهناك توجه إلى استثمار ضعف تشكيلة مجلس الأمة الحالية و بخاصة كتلة الموالاة العمياء استثماراً يذهب إلى أبعد الحدود، و المحافظة على توازناته الحالية إلى نهاية الفصل التشريعي. ولكن ما هو ثمن ذلك؟ و من سيسدد الفاتورة الباهظة لهذا التكتيك؟ إنه بالطبع المواطن البسيط ذو الدخل المحدود الذي يتطلع إلى خدمات أفضل في كافة المجالات و إلى الاطمئنان إلى حرمة المال العام الذي له و لأولاده نصيب منه.

ذلك ما يدعونا دوماً إلى عدم التفاؤل بتغيير الحكومة لنهجها أو تكتيكاتها، و يجعلنا كذلك نطلب من كافة المواطنين و بخاصة البسطاء منهم إلى متابعة من قاموا بانتخابهم و ترشيحهم لأنهم يحملون الامانة التي استودعوها إياهم، فمن يخون الأمانة تتوجب محاسبته عند الانتخابات القادمة. إن المواطن البسيط يملك سلاح قوياً هو صوته الانتخابي، فإن أجاد استعمال سلاحه فسيضمن لنفسه و لأولاده و للكويت مستقبلا مشرقا..! 

والله من وراء القصد