كتاب سبر

(( إلخ ))

إلخ، علامة توحي للآخرين بأنك تعرف أكثر مما قلت، ويُكثِر من إستخدامها الأشخاص الذين يودون الحديث عن قضية، يجهلون فيها أكثر مما يفقهون، وهذا هو لسان حال السيد (السندباد) عندما أطلق تصريحة الطهراني الأخير (الأوضاع مستقرة في سوريا)!


السيد السندباد لم يوفق في إختيار عامِلي الزمان والمكان لإسترسال التصاريح السلوليه، فعندما انتقى مفردات لا مكان لها في قاموسه، تحدثَ عن الإستقرار في عقر دار الجزار الذي يسفك دماء شعبِه ليل نهار، ناسياً أو متناسياً إن صح التعبير، بأن العالم اليوم أصبح كالقرية الصغيرة، وأن إمبراطوريات الإعلام الفاسد في الكويت، وفي غيرها من الدول، ستقف عاجزه عن تضليل الرأي العام العالمي، وحجب أشعة شمس الحقيقة عن المدن السورية.


فما نعيشه ونشهده في سورية اليوم، عبر محطات الأخبار، والصحف، والبرامج المتنوعه في الشبكة العنكبوتية، من مجازر دموية، وإبادات جماعية، وهدم للمساجد والأحياء فوق رؤوس مُصليها وساكنيها، يُغني عن تكبد عناء السفر إلى دمشق، للرد على الأكاذيب والتصاريح الطهرانية من قلب الحدث، السندباد الذي ما إن نزل من بساطه السحري في مطار دمشق، حتى اعتلى المنبر المصبوغ بدماء الشهداء الطاهرة، وراح يخطب على مسامع ثكلاها من الأرامل والأيتام، ليطلق تصريحة الذي حمله معه من الكويت، عن إستقرار الوضع في سورية، هو ذات السندباد الذي تحدث عن عدم إستقرار أوضاع البحرين بالرغم من عدم سفره إلى المنامة ومعاينة أحوالها عن كثب، وفي تقديري الشخصي على أقل تقدير، فأنا أرى أن لا حرج عليه في ذلك، فجهله لمفهوم الإستقرار وكافة مفرداته ومرادفاته، يشفع لما يخرج من فاهه عند تقدير الأمور.


فمحاولة فهم الاستقرار، تتطلب أن يكون لديك ماضٍ خال من التفجيرات، وقلب فارغ مِن الظُلمات، وعقلٌ نابذ للنعرات، ولسان يتعفف المُهاترات، ونفس غير مزدوجة الولاءات.


وإذا ما أضفنا إلى هذه الشفاعة، شفاعة عدم مقدرته على تقدير الوضع في سورية، بسبب متابعته للأحداث عبر عدسات مراسلي قنوات المنار والسورية والعالم، واقتصار قراءته على مانشيتات بعض الصحف الكويتية المسيسة، فسنجد أن سندبادنا معذور في تذييل تصريحة بالدلالات التي يعقبها الإكثار من (إلخ) ، لأنه يريد الإيحاء للمتلقي أنه يعرف أكثر مما قال، مفضلاً بذلك التعثر في درب الإختصار، بدلاً من الإكثار من التصاريح التي لا تتماشى دلائلها مع معطيات الواقع السوري المنكوب.


                      ********


كم وددت لو أن السندباد، إستكمل هذه الرحلة بالعروج على لبنان، ليحل ضيفاً على سماحة السيد علي الأمين، فيمكث في ضيافته بعض الوقت، ليغرف من فيضه مفهوم (( إذا كانت السُنة اتباع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم فكلنا سُنة، وإذا كان التشيع هو حُب آل البيت فكُلنا شيعة )).