أقلامهم

مشعل الفراج: لو كنت أملك القرار لأمرت بزيادة الرواتب لأبناء الطواريء الطبية الذي رفضوا الاعتصام والتزموا بعملهم

حتى الأرانب تعض!


مشعل الفراج الظفيري


مع موجة الاعتصامات والإضرابات التي تشهدها البلاد وما صاحبها من رضوخ حكومي أصبحنا لا نفرق بين المستحق وغير المستحق، ولو كنت أملك القرار لأمرت بزيادة أبناء الطوارئ الطبية الذين فضلوا العمل على الاعتصام أو حتى الإضراب، واكتفوا بالتعبير عن عدم رضاهم بطريقتهم الخاصة، ولأمرت كذلك بتحقيق مطالب أبناء المطافي وإلغاء البصمة، ويكفي أنهم يخرجون من بيوتهم وهم لا يدرون هل يرجعون أم لا… فهؤلاء أفضل حالاً وأكثر إنتاجا من الذين يخرجون للمطالبة ببعض الزيادات فعطلوا مصالح البلاد والعباد، كما أن الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة بتعاطيها مع هذه الإضرابات، وأخطر ما في الأمر أن الحكومة تخضع لهم عندما يقررون الإضراب كنوع من التحدي، و«الجمارك» خير شاهد على ما أقول، مع إيماني بأن أبناء «الجمارك» يستحقون، والمصيبة أن تتحول هذه الاعتصامات والإضرابات إلى ثقافة عامة لدى الشعب فنغرد نحن أبناء الكويت كل حسب مفهومه لتعم الفوضى شوارعنا، وهذا هو الغياب الحقيقي لهيبة الدولة لأنه بكل بساطة عندما تتناحر السلطتان التشريعية والتنفيذية من أجل تحقيق مكاسب سياسية نرى دولة المؤسسات تسقط وبشكل سريع في مستنقع الفساد الإداري والمالي.
كان العرب يضربون مثلاً عندما يرون أن هناك من قام بعمل أكبر منه فيقولون حتى الأرانب تعض إشارة إلى أنها أليفة، وهذا المثل ينطبق على طلبة المرحلة الثانوية مع فارق التشبيه، عندما قرروا التوجه إلى مبنى وزارة التربية لحمل الوزارة على التراجع عن قرار تقليل الدرجات التي بيد المعلم عندما قررت تحويل بعض هذه الدرجات إلى اختبارات تحريرية لما رأت أن هناك تلاعبا في إعطاء هذه الدرجات من خلال كثرة انتشار الدروس الخصوصية، وتسرب نسبة كبيرة من طلبة المدارس الصباحية إلى تعليم الكبار، ناهيكم عن بعض الأكشاك الخاصة التي يعطى فيها الطالب الدرجة كاملة فيتساوى المجد مع غير المجد، واستغرب حقيقة غياب دور الأسرة عن سلوك أبنائهم غير السليم وهم في عمر يحتم عليهم احترام القوانين والنظم حتى يكبروا على تطبيقها والعمل بها، ولكنها الثقافة التي ترسخت كما أسلفت، كما أني استغرب غياب جمعية المعلمين التي لم تعط رأياً في هذا الجانب وهي تقيم اليوم ندوة جماهيرية للمطالبة بحقها من الكادر وتخلت عن واجبها الرئيسي في توعية الطلبة والأسرة عن طريق أعضائها من المعلمين والمعلمات.
عندما تغيب العدالة الاجتماعية في مسألة الرواتب وحتى الامتيازات المالية، وتتخلى الحكومة عن دورها الرئيسي في التخطيط لمعرفة القصور والحاجات، ويكون لدينا وزراء يجيدون ديبلوماسية النعام في مواجهة الأزمات، وفي المقابل يرى الناس البذخ الحكومي في إهدار الأموال من غير مردود كما حدث في أكثر من مناقصة، ويسمعون أيضاً عن الكرم الحاتمي من الحكومة تجاه بعض المتنفذين وأعضاء مجلس الأمة… فإننا لا نستغرب أن تكون حياتنا مليئة بالفوضى وتجاوز القانون، وأن تتحول مؤسساتنا المدنية إلى «حارة كل مين ايدو الو».
إضاءة: إذا كان البعض يطالب ببعض الزيادات المالية وهذا حقه الإ أننا في الكويت بنعمة لا يعلمها إلا الله، ويكفي أن وكالة الأنباء رويترز قالت في احدى نشراتها «الكويتيون يأكلون بالمجان لمدة عام»، والصحيح هو عامان… نسأل الله أن يتم علينا نعمه الكثيرة وأن يجعلنا من الذين أمرهم في كتابه «وأما بنعمة ربك فحدث».