أقلامهم

علي البغلي: تاريخ الإخوان المسلمين ليس طهرانياً كما تروج أبواقهم ومريدوهم فهو تاريخ براغماتي ملتبس بمعنى الكلمة

أن يكون «الإخوان» والسلطة وجهين لعملة واحدة!
علي أحمد البغلي 
 
الصعود غير المفاجئ للإخوان المسلمين بتنظيماتهم في دول الثورات العربية الجديدة أمر غير مفاجئ، لقمع هؤلاء من قبل سلطات بلادهم البائدة، ولعدم احترام تلك الدكتاتوريات لأسس الديموقراطيات الحديثة من نزاهة عمليات انتخابية إلى توفير وإقرار وتطبيق كل المبادئ الحديثة لشرعات حقوق الإنسان.
الإخوان المسلمون لم يلفظهم حكم الدكتاتوريات العربية لله في لله، فهم قد جنوا على أنفسهم بأنفسهم، وقديماً قالوا «على نفسها جنت براقش»،
فهم ضلعوا في انقلاب 23 يوليو المصرية مع من سموا أنفسهم «بالضباط الأحرار»، وكأن باقي الضباط الآخرين كانوا ضباطاً عبيداً! ولما رأوا أن الأمر لم يستتب لهم لجأوا إلى العنف، الذي ولغوا فيه أيام الملكية والاغتيالات التي ضلعوا فيها لكبار السياسيين أمثال النقراشي باشا. فحاولوا اغتيال جمال عبدالناصر في ميدان المنشية في الإسكندرية، ليشتت عبدالناصر شملهم، ويضع بعنف حداً لعنفهم، ولكنه بذلك التشتيت «طشرهم» في باقي الدول العربية، خصوصاً النفطية، ليبثوا أدبيات عنفهم فيها. أما في الدول النفطية، فقد تخصصوا في كنز ثرواتها، هم وأنصارهم المحليون، الذين احتضنتهم ودللتهم السلطات فيها، وأسطع مثال على ذلك الكويت، وذلك اتقاء لسطوة التيار القومي!
* * *
تاريخ الإخوان المسلمين ليس طهرانياً كما تروج أبواقهم ومريدوهم، فهو تاريخ براغماتي ملتبس بمعنى الكلمة. فبعد أن أعمل فيهم الأسد الأب مجزرة حماة عام 1982، تحولوا إلى ذنب لنظام أشد وأنكى وأمرّ منه، حيث أصبحوا ذنباً للبعث العراقي الصدامي، وتراهم في فلسطين اليوم ممثلين في حماس ملتحقين بركب نظام بشار الأسد البعثي.. وهكذا!
أما الأردن، فيقول حازم الأمين (الحياة 2011/10/23)، فهم تفاوتت وظيفتهم بين ملحق بالمملكة الأردنية الهاشمية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، ومناوئ لها في التسعينات من القرن نفسه، أما الآن، فقد أعلن رئيس الوزراء المكلف عون الخصاونة نيته إشراك الإخوان في حكومته العتيدة!
ننعطف على ليبيا التي انتصرت على القذافي أخيراً، لنرى رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل يعلن، قبل إعلان التحرير رسمياً، وفي خضم المرحلة الانتقالية الممتدة لثمانية أشهر لإجراء الانتخابات الشعبية، عن إلغاء جميع القوانين المتنافية مع الشريعة الإسلامية، وتبني مبدأ أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي أو الرئيسي للتشريع، ونحن مع احترامنا لهذه المبادئ من باب حرية الرأي، إلا أن لنا تحفظاً على إعلانها من قبل المستشار مصطفى عبدالجليل، لأن لا صفة له في ذلك، فليبيا لم تستبدل حكم القذافي الأوحد بحكم عبدالجليل الذي يحاكيه في اختياره لما يحلو له من نظم للشعب الليبي! مع العلم بأن عبدالجليل وقع على مذكرة بإعدام 23 معارضاً إسلامياً للقذافي عام 2008، عندما كان وزيراً للعدل في حكومة المقبور القذافي (جريدة الكويتية 2011/10/26)!
الغنوشي وحزبه الذي حصد ما يقارب 40 في المائة من أصوات الناخبين في بلد علماني بطبيعته، لن يلاقي تونس سهاداً ومهاداً له، فتونس بلد سياحي، تعتمد على المعونات الأجنبية الغربية التي تراقب ما ستؤول إليه الحال بقلق في تونس.
* * *
صعود الإخوان للحكم لا يقلق الليبراليين في بلدانهم والبلدان الأخرى، لسبب بسيط، وهو انعدام البرامج الاقتصادية والتنموية لهذه الجماعة، أو على الأقل كما يقول حازم الأمين انعدام الفروق بين هذه البرامج، إن وجدت، وبين ما تبنته الدول والحكومات قبل الثورات، وسنخرج بنتيجة مفادها أننا في حالة الإخوان المسلمين حيال صيغ معدلة على نحو طفيف من صيغ الحكم التي تمت إطاحتها. فنقول لأبواق الإخوان المسلمين ومريديهم: «لا تفرحوا كثيراً، فقد يثبت القادم من الأيام للجماهير التي صوتت لجماعتكم أن الإخوان والأنظمة الدكتاتورية هما وجهان لعملة واحدة»!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم