حمد الجاسر
تركة ناصر
لا أحد يحسد خليفة الشيخ ناصر المحمد في منصبه على التركة التي أورثها إياه ، فالزمن الممتد من فيراير 2006 إلى نوفمبر 2011 على قصره نسبيا شهد انحدار الكويت إلى واد سحيق من المشاكل
والمعضلات، وأتوقع أنه مع كل حسن النية والجهد الذي نأمله من رئيس الوزراء الجديد فسنحتاج إلى سنوات للخروج من ذلك الوادي وتصحيح ما اعوج وانحرف وهو كثير.
ولعل أول الملفات أمام الرئيس الجديد هم النواب المرتشون، وإذا جرى حل المجلس فيخرج هذا الملف من مسؤوليته إلى عهدة القضاء، وفي هذه الحالة على الأجهزة الحكومية أن تقوم بواجبها كاملا في مساعدة القضاء على تحقيق العدالة بحقهم.
لكن أكبر التحديات أمامه يكمن في مواجهة واحتواء التغلغل الإيراني الذي مد مخالبه عميقا في ظل الحكومات السبع الماضية، وهو التغلغل الذي يعرف الكويتيون جميعا رؤوسه ورموزه وأدواته الاقتصادية والإعلامية ومخاطره الأمنية، وكان القلق منه من أهم دوافع الجمهور الكويتي للتحرك ضد الحكومة السابقة و إسقاطها.
وبهذا الشأن تحتاج علاقاتنا مع شقيقاتنا الخليجيات إلى عملية «ترميم» واستعادة ثقة، بعد أن أبحرت حكومات سابقة بنا شرقا وراء البحر بعيدا عن أهلنا، وبعد أن خذلتهم في أكثر من محنة وفتنة، بعدما كانوا بذلوا الغالي والرخيص من أجل الكويت في محنتها.
ومن أسوأ إرث الحكومات السابقة هذا الإعلام الفاسد الذي هبط بالحوار الشعبي إلى درك العصبيات الفئوية، وسعى لتفريق الكويتيين وضرب بعضهم ببعض، وعلى الرئيس الجديد أن يكون حازما وصارما في هذا الملف خصوصا مع رموز الفتنة وهم معروفون.
وسيجد الرئيس الجديد نفسه أمام بحر متلاطم من الفوضى الإدارية المعجونة بالفساد، وذلك في كل الجهات الحكومية، فقد كانت المحسوبيات أهم أدوات الحكومات السابقة في إدارة علاقتها بفئات المجتمع وتياراته السياسية، حتى صارت هذه الحال ثقافة مستقرة تحتاج إلى جهد استثنائي لاستئصالها.
والله يعين الرئيس الجديد على مظاهر التخبط الحكومي مثل فوضى الكوادر والإضرابات وعقود ومناقصات التنفيع للهوامير وتدهور الخدمات مع ارتفاع تكاليفها.
كل هذه المعضلات من تركة ناصر تبقى ممكنة الحل إن حسنت النيات وصدقت العزيمة، وسيجد الرئيس الجديد في كل من عارض الحكومات السابقة خير معين على مواجهتها، وسيجد من كل الكويتيين مثل ذلك، ولكن علينا أن ننتظر الرئيس الجديد ونرى أفعاله أولا .
أضف تعليق