أقلامهم

خليل علي حيدر يتساءل: هل أمريكا .. مع الإسلاميين؟

هل أمريكا .. مع الإسلاميين؟


خليل علي حيدر

كان الاسلاميون في مصر ودول الخليج ينتقدون الولايات المتحدة واحيانا اوروبا، لانهما «تدعمان» نظام مبارك والقذافي وزين العابدين بن علي وعلي صالح وغيرهم، في مصر وليبيا وتونس واليمن. ثم رأينا رأي العين كيف تهاوت هذه الانظمة بعد سلسلة من الانتفاضات السلمية والمسلحة، دون اي تدخل امريكي او اوروبي.
بل رأينا الولايات المتحدة واوروبا تدعمان بقوة عملية التغيير، وتقفان مع هذا التحول التاريخي .. بالتدخل المباشر! واليوم يحدث العكس تماما. فالمثقفون العرب بمن فيهم المثقفون الليبراليون، يتهمون امريكا واوروبا، بانهما هم الذين يتآمرون في الخفاء مع «الاخوان المسلمين» و«السلفيين» و«حزب النهضة» وربما الاسلام الليبي واليمني والسوري والاردني، والاحزاب السنية في المغرب والاحزاب الشيعية .. في المشرق! ويسندون الاسلام السياسي! بعض هؤلاء المثقفين يتحدث بثقة شديدة عن «التحالف» الامريكي – الاسلامي في مصر وتونس، وكأنه يستقي معلوماته من اوثق المصادر! او انه على اتصال مباشر بصانعي الاحداث والعلاقات في واشنطن والقاهرة وتونس وطرابلس وصنعاء.
التفسير المؤامراتي للاحداث حاضر للاسف في تحليلاتنا، ومعايرة القوى الدولية لانها لا تكترث بـ«سواد عيون العرب» وبان «مصالحها» فوق كل اعتبار. هذا التفسير يفرضه الكتاب والمحللون العرب على الاحداث في مصر وتونس وفي ليبيا وسورية وفي ايران .. وكل مكان. وكأن العلاقات الدولية لا تتحكم بها الا بعض الاعتبارات المادية، وان الضغط الدولي والرأي العام العالمي لا قيمة لهما مثلا، وان العالم الاوروبي – الامريكي كله بيد الحكومات والشركات وتجار السلاح ومحتكري المواد الخام، وغير ذلك مما هو سائد في ادبيات العالم الثالث السياسية. او كأن الدفاع عن «المصالح» لا يتحقق الا بالطرق الملتوية التي يتصورونها.
بالمناسبة، لا احد من هؤلاء يتكلم عن الدور الروسي البالغ السوء والغارق في الانتهازية، ولا احد يركز بعض الاضواء على الصين وهجومها الكاسح على مناجم افريقيا، ومواقفها الاسوأ بكثير من اي موقف امريكي او فرنسي!
ولكن عقول مثقفينا للاسف لا تزال مبرمجة في ظل مفاهيم عصر الحرب الباردة، ولا تستقبل كل ما استجد في الدنيا منذ عام 1990!
يا ناس. يا عرب. يا مسلمين. يا نصارى. نقطة الارتكاز في بناء مستقبل المنطقة العربية ليست في واشنطن او موسكو او بكين. انها في القاهرة والرباط، وطرابلس ودمشق وصنعاء وبغداد والرياض وبيروت! انها في نظامنا التعليمي، في تخطيطنا التنموي، في حرصنا على التسامح الديني والديموقراطي، في تحديث ثقافتنا ومجتمعاتنا، في تغيير قوانيننا، في رفع مستوى المعيشة للناس التي بح صوتها وهي تهتف «الشعب يريد تغيير النظام»!
كل التحليلات العربية كانت ترسم صورة قاتمة لدعم الولايات المتحدة لنظام الشاه في ايران، وقبل عن قوة وقدرات ذلك النظام ما قيل حتى ايقنا باستحالة زحزحته! وتغير ذلك النظام في ثورة 1979. وانسحبت امريكا من كل قواعدها هناك كما انسحبت من قواعدها قبل ذلك في ليبيا. وتبين من تجربة ايران ان العلة ليست امريكا. فالاوضاع في ايران لم تتغير في جوانب كثيرة، سياسية واقتصادية واجتماعية. الطريف في هذا المجال ان الكثير من الليبراليين الايرانيين يتهم اليوم رجال الدين في ايران والتيار الاسلامي هناك، بالتواطؤ مع الولايات المتحدة، لاسقاط نظام الشاه، «بعد ان بدأ الملك يسير في طريق النهوض بايران وتطوير مجتمعها والتمرد على امريكا والغرب، اللتين خافتا على مصالحهما في المنطقة».
يعني ما نخلص من هذا التحليل!