برلمان

ما لم يقله في لقاءاته السابقة.. قاله في لقاء "اليوم"
مسلم البراك.. حين يفتح نوافذ الذاكرة

ما لم يقله النائب السابق مسلم البراك في كل لقاءاته الماضية باح به أمس في حواره مع الزميل محمد الوشيحي على قناة اليوم، فصال وجال في ميادين الكلام وحلق في فضاء الذاكرة، مستدعياً أحداثاً مضت منذ سنوات بعيدة وأخرى منذ أيام قريبة.
وهو (وإن بدا الإرهاق واضحاً على ملامحه) غير أنه لم يتخل عن صلابته، وأقسم بالله مراراً أنه لن يخذل وطنه، وسيظل ناطقاً بالحق مدافعاً عن مكتسبات الشعب.
كان لقاء من نوع آخر استثار فيه البراك شغف الذين تابعوه من خلف الشاشة.. انتزع منهم الضحك وقذف في قلوبهم قدراً كبيراً من الاحترام،  أسهب في الحديث عن تفاصيل رحلته البرلمانية، وما قبلها وما بعدها.. وكيف وقف نداً لنهج السلطة في محاولات تنقيح الدستور مطلع الثمانينات.. حين كان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك الشيخ سعد العبدالله رحمه الله يطوف على دواوين الشعب عارضاً وثيقة التنقيح.. في تلك الليلة الصيفية قدّر للبراك أن يلتقي وجها لوجه مع الشيخ سعد وأن يحذره من عواقب تلك الخطوة “لأنها ستهييء الفرصة أمام المفسدين كي يضخموا ثرواتهم.. وقد رأى الشعب كيف ازداد عددهم بعد حل المجلس عام 76 وتعليق الدستور”.
وقع اعتراض البراك موقع الصدمة في نفس المغفور له الشيخ سعد العبدالله وهو الذي قوبل حديثه أمام الجمع في ديوان محمد حمد البراك (والد مسلم) بالتصفيق والترحيب.. وبعد أن شرح الشيخ سعد دوافع التنقيح ومبرراته طلب أن يسمع رداً من أحدا الحاضرين لكن أحداً لم يرد، عندئذ استأذن (مسلم) والده في الحديث فأذن له.. وقال ما قال.
ولهذا السبب أسقطت الحكومة اسمه بعد ذلك من كشف المقبولين في كلية الشرطة رغم أن والده (محمد البراك) كان نائباً في ذلك الوقت.. وكان ذلك أول ثمن يدفعه نظير دفاعه عن الدستور.
وتمر السنوات ويصبح مسلم البراك نائباً “مزعجاً” للحكومة، ومعكّراً لمزاجها باستمرار، الأمر الذي أثار تندر النائب السابق وليد الجري خلال إحدى الجلسات البرلمانية الساخنة ، قال الجري للشيخ سعد: “لو أنكم لم تسقطوا اسمه من كلية الشرطة لارتحتم منه”.
عندئذ دفع إليه مقدم البرنامج محمد الوشيحي سؤالاً اعتراضياً: لو أنك قُبلت في كلية الشرطة لربما أنت الآن اللواء مسلم البراك.. فماذا سيكون موقفك من الاعتصامات الشبابية؟.. هل ستضطر إلى ضرب الشباب؟.. رد البراك: هذه اليد ما خلقت إلا لتدافع عن الشعب، ولو كنت رجل أمن لفعلت مافعله جاسم القطامي حين خلع بدلته العسكرية وانضم إلى صفوف الجماهير.
ولم يتجاوز البراك في حديثه “عباس الشعبي” الذي كان ملازماً ومزاملاً له منذ وجودهما معاً في نقابة البلدية مروراً بالفصول التشريعية السابقة وليس انتهاء عند ساحة الإرادة التي كان “الشعبي” فيها فارساً لايشق له غبار، وقد دفعته مواقفه المناصرة للحراك الشبابي إلى أن يدخل السجن وينقل بعد ذلك إلى المستشفى إثر تدهور حالته الصحية..
وفي المستشفى (كما يروي البراك) سأله الأطباء: “شفيك ياعباس؟”.. فرد عليهم بحزم: شفيكم أنتم.. ليش ساكتين؟.. قولوا إرحل إرحل ياناصر”!
أما عن أحمد السعدون فيذكر البراك أول المواقف التي كانت رابطاً بينهما.. فقبل نحو ثلاثة عقود كان (البراك) في مجلس الأمة ضمن جمهور المتابعين في الطابق العلوي.. وإذ بوالده (محمد البراك) يدنو من السعدون ويحدثه عن ولده (مسلم).. قال له: انظر إلى ذلك الشاب هناك.. هل تراه؟.. إذا أصبح نائباً (وسيكون نائباً بإذن الله) حينئذ ستكون لك حرية التصرف معه.
وتحققت نبوءة الوالد، وأصبح (ولده) عضواً فاعلا.. متلازماً في مواقفه مع السعدون.
وخلال حواره الذي امتد ثلاث ساعات سأله الوشيحي عن (قصة) ابن عمه الذي عيّنه في مجلس المعاقين وكان ذلك نافذة (سلوى الجسار) للهجوم عليه وانتقاده، فقال إن ابن عمه المقصود هو (مبارك البراك) الذي فاز بالانتخاب مع اثنين آخرين في عضوية مجلس إدارة المعاقين، ولم يكن للحكومة دخل في وصوله إلى هذا المنصب، ومع ذلك طلب إليه أن يقدم استقالته باعتباره رئيساً للجنة المعاقين البرلمانية ولا يريد أن يكون أحد أقربائه طرفاً في المعادلة، وقد استحاب (ابن العم) لهذا الطلب بطيب خاطر.. أما سلوى الجسار فقد عينت زوجها على رأس مجلس إدارة المعاقين رغم عدم أحقيته، ورغم أن هناك أسماً قبله كان مطروحاً.
وفي ساحتي الإرادة وقصر العدل كان البراك مندمجاً مع الجموع الشبابية المندفعة بحماسها للمطالبة برحيل رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، ولمس عن قرب رغبتهم في التغيير كما لمس شعورهم بالخوف على مستقبل وطنهم.. ورأى الشعراء يتسابقون إلى التغني بحب الكويت، ومنهم الإعلامي المميز سعد العجمي الذي ارتجل (شيلة) رائعة جعلت حتى رجال الشرطة يتفاعلون معها..
أما عن شيوخ القبائل فقال البراك: ناصر المحمد لا يعرفهم إلا حين يشعر أنه محاصر.
ولم ينس البراك أن يمتدح موقف أمير العوازم الشيخ فلاح بن جامع الذي كان رأيه سديداً.. ومؤازراً للمطلب الشعبي بتنحي الشيخ ناصر.

كان حوار مسلم البراك ثرياً.. ممتعاً.. جديراً بالمتابعة.