أقلامهم

فوزية السالم : إلى متى تتم هذه المداراة والتستر على أسماء المجرمين بكل أشكالهم؟… هل الخوف على احترام أسماء العائلات أهم من احترام القانون والعدالة؟

صافرة إنذار

فوزية شويش السالم
أطلق وزير الأشغال وزير الدولة لشؤون البلدية د. فاضل صفر صافرة إنذار صاعقة حين صرح بأن عدد سكان الكويت زاد 100 ألف نسمة خلال الأشهر الستة الماضية، مما سيؤدي إلى زيادة الاختناقات المرورية، وزيادة عدد العزاب في المناطق السكنية وارتفاع معدل الجريمة.
هذا التصريح الخطير، والخطير جداً مر مرور الكرام ولم يلفت النظر وكأننا لا نعاني أصلا منها، هذه الصرخة أتمنى أن ينتبه لها المجلس النيابي الجديد، وأن تكون من أهم أولويات المرحلة المقبلة، فمن غير المعقول أن تنام وتصحو الكويت على هذا الانفجار السكاني، لا يوجد بلد ما في العالم في حجم مساحة الكويت يزداد 100 ألف نسمة في 6 أشهر، إنه أمر خارج حدود منطق العقل، فهذا الارتفاع السريع في معدل السكان خلقه تجار الإقامات باستقدامهم عمالة أغلبها ليس لها حاجة ولا مكان في سوق العمل، هم مجرد عمالة سائبة لا تدري ماذا تفعل بعد أن تم بيعهم وشراؤهم في سوق رقيق جديد خطير جدا.
 فهناك مافيات في بلادهم لا أدري إن كانت حكوماتهم على علم بها أم لا؟ وربما تعلم ويكون لها حصص فيها، أو أن يكون همها الأكبر هو دخول العملة الصعبة إلى بلادها، وعملية البيع تختلف في أسعارها، فمثلا العمالة المنزلية وما دونها يؤخذ من العامل 500 دينار، أي أكثر من 1500 دولار، تدفع لمستورد العمالة أو للشركات والمكاتب المستوردة لهم، وبالنسبة للعمالة المهنية فالسعر يرتفع أكثر، حيث إن الراتب الذي سيدفع لها أعلى ولها عقود عمل مسبقة، فيصبح ثمن الرأس الواحد 3000 دينار، أي ما يعادل 10 آلاف دولار، تذهب 2500 دينار إلى التاجر المالك للمكتب أو الشركة، و500 دينار إلى من قام بإجراءات الصفقة التي قد يقوم بها التاجر بنفسه أو عن طريق وكيله، وعلى هذا تصل الحسبة إلى مئات الألوف من الدنانير، وبما يعادلها من الدولارات يُصبح بالملايين، وعليك الحسبة.
 فكيف لا تمتلئ البلد بكل هذه العمالة التي جزء كبير منها يُرمى في حياة يائسة من مكاتب عمل باعتها ومن تجار بشر قبضت ثمنها ورمتها للطريق لتلتقط منه رزقها بأي وسيلة كانت، وكيف لا يتهافت تجار الإقامات على مكاسب بالملايين وقانون يتم التحايل عليه بألف طريقة ليحمي التاجر ويصونه من التشهير به.
نتمنى من مجلس الأمة الجديد، الذي سيطرت عليه الكتلة الإسلامية، أن تبرهن للشعب حسن إدارتها لمستقبل هذا الوطن، بما أنهم قادرون على تنظيم خلاياهم وصفوفهم التي مكنتهم من الفوز على الليبراليين الذين أفشلوا أنفسهم وشتتوا ريحهم بأنانية ضيعت أصواتهم.
الآن الكرة في ملعب الإسلاميين الذين نتمنى منهم أن يكون هم الارتقاء بالوطن هو همهم وليس التضييق على حريات المواطنين والانشغال كالعادة بتوافه الأمور وتضييع الأمة في نقاشات عقيمة تهرول بالوطن إلى الخلف وتدفع باليأس.
المجلس القادم يقع عليه عبء إنقاذ هذا الوطن من براثن القنوط والعجز والتخلي عن الشعور بالمواطنة، وهذا الوطن ليس إلا كعكة تتخاطف حصصها بالقوة والحيلة.
نحلم بأن يُحترم هذا الوطن وأن تُحترم قوانينه من الكبير قبل الصغير، وأن يسود منطق العدالة على الجميع، وأن يتساوى الكل أمام القانون، الذي لم يكشف ولا مرة عن اسم مجرم ما من تجار الإقامات أو تجار الأغذية الفاسدة، أو المخدرات، أو أي نوع كان من جرائم القتل، وآخرها النواب القبيضة الذين باعوا ضمير الأمة بمليوني دينار أي ما يقابل 6 ملايين دولار لكل واحد قبض فيهم، وكالعادة طُمطمت الأمور ولم يقدموا إلى المحاكمة، ورغم غضب الشعب وإقالة البرلمان لم تكشف أسماء هؤلاء ولم يحاكموا إلى الآن.
إلى متى تتم هذه المداراة والتستر على أسماء المجرمين بكل أشكالهم؟
هل الخوف على احترام أسماء العائلات أهم من احترام القانون والعدالة؟
كيف يُحترم القانون حين تُحمى أسماء من داس على القانون وسحق كرامته واخترق جوهر عدالته؟
يجب أن يحترم القانون وتسود عدالته ويتساوى الجميع تحت مظلته حتى لا يأكل اليأس قلوب الناس ويضيع مفهوم المواطنة والوطن.