أقلامهم

اغفر لنا يا وطن

خصت الكاتبة خلود الخميس سبر بمقال “اغفر لنا يا وطن”، تتحدث فيه بقلمها الرشيق عن الجحود تجاه الوطن ، والانتماءات الزائفة ، قالت فيه:

قل لي كيف أنتْ ؟
على أي حلمٍ أفقتَ فجر اليوم ؟
كأنّ اليوم يوم ذكرى خاصة بالنسبة إليك ؟
وفيه فُرِق أمرٌ رشدٌ لك ؟
وجيء بإمام عادل أحب قومه فبادلوه الحب وبايعوه ليعتلي كرسيّ الحكم ؟
نعم، هذا يومك يا وطن ..
يوم جلس ” المِعْرس ” في صدر الاحتفال وقال لعروسه ” إني عليكِ حفيظ أمين “
ومنذ تهافت الدفوف على الاحتفاء، وغنج الجميلة الخَجِلة بقرب ” رب البيت ” آمنة مطمئنة
وحتى الآن،  كيف كنتَ آنذاك، وإلى أين صار حالك ؟
أسألك بالله يا وطن رحل عنه ” المعرس ” وترمّلت ” العروس ” ؟
هل لا زلتَ تظن أن الوطن أشخاص إليها تركنْ ؟
وعلى يقين أن الرّفات هو حضنُ التراب؟
يا وطن الحوائط والطرق والجسور والممرات والمباني والحدود ..
يا وطن الموتى الذين ينتظر الأحياء يوم خروجهم وهيهات فأنّى يبعثون ؟!
يا وطن يؤمن بضد مُعتقد عِياله ..
لقد جئتَهم بمواثيقِ البقاء لأرضٍ وعِرْض ..
وجزاؤك أن جاءوا بك قرباناً لعَـرَضٍ زائل دراهم معدودات !
هكذا يكون الوطن، روح ثابتة لا تظِلُّ ولا تـتوه..
لا تمنّ ولا تمنع، عطاءً سخاءً ورخاءً ..
وهكذا يكون العيال، طفولة ومراهقة وكهولة وشيخوخة ..
يحتاجونك بمختلف مراحلهم أن تكون بكل قوتك و طاقتك المشحونة وبقمة صبرك ..
كل يوم هم في شأن ..
وأنت ثابت صامد شامخ مرابط ..
فاغفر عقوق العيال، وكثر طلبهم للمال، وإسرافهم في الجدال ..
اغفر لنا يا وطن نسجَه الله من نور !
نحن ” عِيال ” نمتهن الفجور !
ونتمترس خلف أساطير بطلها بعير وشراع سفينة، نُعيّر بعض بالجذور !
اصبر، فأنت الوعاء، ونحن المحتوى !
صوتك لنا مناجاة، وصوتنا لك عواء وهِجاء !
ستغفر، وتصبر، لأنك تعلم يقيناً أننا عصاة ولكن طيبون
ملاعين ولكن نعود ونعتذر فنحن رغم جنوننا لا ملجأ لنا سِواك
اغفر لنا جحودنا وإعراضنا عن بِرّك وشكرك وخدمتك
فأنت البقاء ونحن الفناء ..
سيأتي قومٌ بعدنا يحبونك وتحبهم !
اغفر لأنت الباقي ونحن الراحلون !
واذكر أننا نحبك وإن أسأنا التعبير !
فلسنا سواء، وإن عاملتنا بسواسية
فلله درّك يا وطن استحب الجهاد في سبيلنا على أن يكون الجلاّد
رغم عنادنا وكِبرنا، أنت الكبير ونحن صغار في محرابك
يا وطن لا تسأم منّا ..
فسيأتي يوم تخلع عنك ” الخوذة ” وتستند لجذع النخلة
ونأتي كلنا لنهزه إليك ليُساقِط عليك رطباً جنياً
  twitter@kholoudalkhames