أقلامهم

صالح الشايجي : بن جدو كان محترما

كان محترماً

صالح الشايجي 
 
ربما أنا من القلة القليلة التي كانت تحترم «غسان بن جدو» مذيع الجزيرة السابق، وذلك لقدرته على إدارة الحوار وتأدبه الشديد مع ضيوفه وحسن أدائه وهي صفات باتت معدومة أو شبه معدومة الآن!
ظل احترامي له قائما حتى وقع في الفخ الإيراني و«تطهّر» من أموال الجزيرة بأموال حزب الله «الطاهرة»!
قرأت له قبل أيام مقالة طويلة وأعتقد أنها مهمة لمن يريد اكتشاف محاولات التهوين وبث الضعف في الجسد العربي، و«أبلسة» بعض المثقفين العرب ممن رهنوا أنفسهم كعملاء صغار في جيوش التجهيل التي تقودها إيران ضد الشعوب العربية!
في المقال يبدي «بن جدو» امتعاضه من ثورات الربيع العربي ويشكك فيها إلى حد وصف الثوار بالغوغاء، ويعيب عليها عدم وجود فلاسفة يقودون هذه الثورات مدعما رأيه بفلاسفة قادوا الثورة البلشفية والثورة الفرنسية!
قد يبدو «بن جدو» مصيبا في رأيه لدى من أحسن النية ومن لا يعرف تبعية «بن جدو»، ولكن من يعرف يبدو له الخبث والتهوين والإضعاف ورجم العرب بالإهانات المعروفة المصدر!
ما يعرفه «بن جدو» وأخفاه أن الديكتاتورية أيضا فلسفة تصنع الثورة، وما عرفته بلدان الربيع العربي من ديكتاتوريات كفيلة بتفجير ثورات ليست بحاجة إلى «جان جاك روسو» ولا إلى «ماركس»!
لماذا لا يكون للثورات العربية فلاسفتها الخاصون بها ممن قهرهم الجوع والخوف ودماء أهليهم المسفوحة في شوارع مدنهم؟
لماذا لا يكون «البوعزيزي» فيلسوف الثورات العربية بما لقيه من ظلم بيّن؟
من قال إن للثورات عقولا حكيمة مثقفة واعية مستريحة تنظّر وتتفلسف؟
كيف سنقول للمقهور في تونس وفي ليبيا ومصر وسورية واليمن انتظر حتى يخرج لك فيلسوف من تحت الأرض لينظّر لثورتك؟
أرى «بن جدو» كتب مقالته من واقعه المترف المرفه، ولم تؤثر فيه الدماء التي سالت والأرواح التي أزهقت، ولا أثرت فيه قبائل الثكليات العربيات اللائي كانت أرواح أبنائهن قرابين استعادة الكرامة والتخلص من القهر والخوف والجوع!
وكم يكون بن جدو منصفا أو صادقا لو أنه استشهد بالثورة الإيرانية التي سبقت الربيع العربي بثلاثين عاما هل كان لها فيلسوف؟ وهل كان «الخميني» هو فيلسوفها؟ وما الذي أثمرته فلسفة الخميني في البستان الإيراني؟