كتاب سبر

حكومة شريعة الغاب!!

رُوي في كتب التاريخ أن قوما من مبغضي معاوية أرسلوا شخصا ليسب معاوية رضي الله عنه أمام الملأ ووعدوه بمبلغ من المال إذا فعل ما أمر به ،وفعلا سب الرجل معاوية أمام الملأ طمعا في المال وليس لقناعته باستحقاق معاوية رضي الله عنه للسب ،فحلم معاوية عن سفه هذا الطائش ولم يؤذه لعلمه بأن هذا الرجل أداة بيد غيره ولا يتحرك عن قناعة شخصية فنظر إليه وقال :اذهب يابن أخي وخذ ما وعدوك به!!
لم يعجب مبغضو معاوية هذا الرد فأمروه أن يكرر فعلته ولكن مع زياد وليس معاوية ،وفعلا امتثل الرجل ما أُمر به وكان النتيجة أن قتله زياد لتطاوله عليه وبعد أن بلغ معاوية خبر قتله قال :أنا الذي قتلته !،لأنني لم أدبه أول مرة فاجترأ على الثانية ولو أدبته لما اجترأ!!!.
هذه القصة_لو صحت_هي صفحة بيضاء تضاف لسجل خال المؤمنين رضي الله عنه الحافل بأروع القصص والروايات ،وأنا لا أريد من هذه القصة _إن صحت_إلا لفت الإنتباه إلى عمق فهم معاوية رضي الله عنه لمسؤولية المسؤول عن حفظ الأمن وأن التغاضي عن تمادي المسيء في إساءته إلى الناس هو شرعنة وترسية لقواعد شريعة الغاب ،وعندما يضطر الناس لأخذ حقوقهم بأيديهم فالمتهم الأول هو المسؤول الذي لم يأخذ على يد المسيء الأول !.
فحكومتنا _شفاها الله_بتغاضيها عن الرجل الذي استمرأ الكلام في أعراض الناس والطعن في أصولهم بطريقة يشمأز منها الأحرار ذوو النفوس الأبية فضلا عن كونها جريمة قذف يعاقب عليها القانون تشرعن لحارة(كل من ايدو الو) وتعزز ثقافة (حيل الصدر وقوة الذراع) وتسهم في ضياع الأمن في البلد!.
لأن الناس لا تستطيع الصبر والتحمل أكثر من طاقتها ولابد لصبرها أن ينفد ونفاد صبرها مع غياب القانون الذي يردع كل سفيه عن أعراض الناس سيحتم عليها أن تأخذ حقها بنفسها وأن تنتصر لكرامتها بيدها واللوم في النهاية لا يقع عليهم لأن فعلهم هذا نتيجة طبيعية لدولة تمايز بين المواطنين في تطبيق القانون وتفصل القانون وفق (مشتهاها) وتعامل المواطنين على أنهم أبناء (ضراير )فتكرم  جزء على اعتبار أنهم أبناء الغالية وتدعس على كرامة الجزء الآخر على اعتبار أنهم أبناء (البطة السودة)!!!.
فالواجب على الحكومة_شفاها الله_أن تعي أن الخاسر الأكبر من هذه اللعبة القذرة هي الحكومة نفسها،وأن هذه الطريقة _الشاذة_في الإنتقام من الخصوم السياسين لن تعود على البلد إلا بالدمار وضياع الأمن!.
ي