أقلامهم

وليد الرجيب: منذ وفاة عبدالله السالم بدأ مسلسل الانقضاض على الدستور والحياة الديموقراطية، واستمر على مدى خمسين عاماً.

أصبوحة / 50 عاماً من ماذا؟
وليد الرجيب
صادف يوم أمس الأحد 11 نوفمبر ذكرى مرور نصف قرن على وضع الدستور في عهد أمير الكويت الأسبق المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح، وبوضع دستور للبلاد وتأسيس نظام برلماني ديموقراطي، نقل الشيخ عبدالله السالم وشعبه والرجالات المخلصون الكويت من إمارة أو مشيخة إلى دولة ديموقراطية إلى دولة قانون ومؤسسات.
وتم البدء فعلياً بمشروع بناء الدولة الحديثة، فانطلقت المشاريع التنموية في جميع المجالات التعليمية والصحية والرعاية الاجتماعية والخدمات الضرورية التي تدعم رخاء وأمان الشعب الكويتي في جو جميل من الحريات الخاصة والعامة.
ونظرت الشعوب ودول الجوار والدول العربية بإعجاب وتقدير لما حققه الشعب الكويتي من مكتسبات بدأ بالمطالبة بها منذ بدايات القرن الماضي، وعاش الشعب الكويتي في عصره الذهبي وتكفلت الدولة برعاية أبنائها من خلال مجانية التعليم المتطور والخدمات الصحية المجانية الراقية في وقتها والمباني والشوارع الحديثة، وحصلت الكويت بجدارة على عضوية جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة والكثير من المنظمات الدولية، فثبت بالملموس أن الحرية والكرامة والديموقراطية والرعاية الاجتماعية هي سبيل تقدم الشعوب.
وقد كان المشرعون الأوائل والآباء المؤسسون للدستور بمن فيهم الشيخ عبدالله السالم يدركون أن دستور 1962 هو المرحلة الأولى لتطور النظام البرلماني، وهو دستور الحد الأدنى بحيث يتم تطوير مواده بعد خمس سنوات إلى مزيد من ضمانات الحرية والانتقال إلى النظام البرلماني الكامل مع استمرار واستكمال مشروع بناء الدولة الكويتية الحديثة، وهذا كله موثق في محاضر جلسات المجلس التأسيسي والمذكرة التفسيرية للدستور.
وهذا التطور الاجتماعي والسياسي الذي نقل الكويت من الإمارة إلى الدولة والذي كان من المقرر استمراره حتى تصل الكويت إلى مصاف الدول المتقدمة، والذي كان في مضمونه احترام وتقدير المواطن الكويتي لم يكن محل اتفاق الجميع رغم أنه أصبح أمراً واقعاً يصعب إلغاءه أو شطبه من التاريخ، بل اعتبره البعض خطأً تاريخياً ينتقص من صلاحيات الأسرة الحاكمة ويقيدها في إطار القانون والدستور.
فمنذ وفاة الشيخ عبدالله السالم بدأ مسلسل الانقضاض على الدستور والحياة الديموقراطية واستمر التعدي والانقلاب على الدستور على مدى خمسين عاماً، أحياناً بشكل مباشر من خلال حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري وتعليق العمل بمواد الدستور، إلى العبث بمواده وافراغها من محتواها بما يلائم مصالح البعض تحت تبريرات تبدو أحياناً قانونية من خلال اقحام القضاء في الخلاف السياسي.
فعبر نصف قرن كان هم الشعب الكويتي هو الدفاع عن دستور الحد الأدنى، ولم يستطع التقدم خطوة واحدة باتجاه التطور وتحقيق النظام البرلماني الكامل، بل تم وصف الرافضين للعبث بالدستور بالانقلابيين الذين يهدفون إلى نشر الفوضى والتعدي على القانون ومورس عليهم قمع شديد رغم سلمية احتجاجاتهم.
والتساؤل الجاد الآن ماذا عن الخمسين سنة المقبلة، فهل يحتاج الشعب الكويتي إلى قرن أو أكثر لكي يعيش في حرية حقيقية وديموقراطية كاملة تضمن تطور بلاده واحترام الإنسان فيها والحفاظ على كرامته؟ من خلال إيقاف السرقة والفساد واستخدام الثروة النفطية بعقلانية وتوجيه عوائدها إلى تقدم ورفعة المواطن الكويتي.