أقلامهم

النظام يحلم باستعادة حكم المشيخة
أحمد النفيسي: سنقاطع.. فالشعب يريد إصلاح النظام

أوجز الكاتب أحمد النفيسي رؤيته حول الوضع الراهن على الساحة الكويتية في مقاله الذي كتبه في الطاليعة اليوم، مرجعاً الأزمة الدائرة على الساحة السياسية إلى سببين رئيسيين الأول هو استقتال النظام على التفرُّد بالسلطة والثروة، بعيداً عن مشاركة الشعب، والثاني، هو إصرار النظام على الاستفراد بقرار توارث الإمارة.

كما ذكر النفيسي في مقاله أن المقاطعة ليست بسبب المفاضلة بين التصويت بصوت واحد أو أربعة.. فكلاهما خياران سيئان، فالأول يُنتج مجلساً بصاماً، والثاني يُفرز لنا مجلساً يشتد فيه التطرُّف الطائفي والقبلي والعنصري ويعمل على تمزيق المجتمع، بل هي لوقف نهج النظام الذي أوصلنا إلى هذه الحال منذ وفاة الشيخ عبدالله السالم، وجريه من دون أدنى اعتبار لرأي الكويتيين أو الثمن الرهيب الذي تدفعه البلاد، وجريه وراء حلم استعادة حُكم المشيخة.

سبر اختارت أن يكون المقال ساخناً.. والرأي لكم:
سنقاطع.. “الشعب يريد إصلاح النظام”

بقلم: أحمد النفيسي
تمر الكويت الآن بأزمة طاحنة لم تشهدها في تاريخها، وتستمر وتتفاقم، ولا تباشير لحل يقودها إلى بر الأمان.
السبب في ذلك يعود لأمرين نحن مجبرون على معالجتهما، وإلا لن تكون حال بلادنا إلا الصراع والتفكك والأزمات المستمرة، وهي أزمات تهدد وجودنا. ويعود ذلك كله لسببين..
الأول، هو استقتال النظام على التفرُّد بالسلطة والثروة، بعيداً عن مشاركة الشعب.
والثاني، هو إصرار النظام على الاستفراد بقرار توارث الإمارة.
في هذه المقالة سنعالج السبب الأول، وسنترك الثاني لمقالة أخرى.
***
في الكلمة التي ألقاها د.أحمد الخطيب في التجمُّع الشابي أمام مبنى «الطليعة»، كرَّر سؤاله للمحتجين، هل أنتم راضون عن أوضاع بلدكم؟ قالوا بصوت واحد «لا»، فقال لهم اذهبوا إلى الناس واسألوهم السؤال نفسه، فإن أجابوكم بـ«لا» أيضاً، فادعوهم للمقاطعة.
هذه المقاطعة ليست بسبب المفاضلة بين التصويت بصوت واحد أو أربعة.. فكلاهما خياران سيئان، فالأول يُنتج مجلساً بصاماً، والثاني يُفرز لنا مجلساً يشتد فيه التطرُّف الطائفي والقبلي والعنصري ويعمل على تمزيق المجتمع.
والمقاطعة ليست بسبب دستورية المرسوم الأخير من عدمه، فهناك بذلك رأيان دستوريان متناقضان.
المقاطعة، هي لوقف نهج النظام الذي أوصلنا إلى هذه الحال منذ وفاة الشيخ عبدالله السالم، وجريه من دون أدنى اعتبار لرأي الكويتيين أو الثمن الرهيب الذي تدفعه البلاد، وجريه وراء حلم استعادة حُكم المشيخة، تلك التي سادت في الأربعينات والخمسينات والاستبداد بثروة البلاد وتحويل الكويتيين من مواطنين أحرار أصحاب عزة وكرامة إلى رعايا يقتاتون على ما يُرمى لهم من فتات، وهو الحلم الذي وضع له الشيخ عبدالله السالم له حداً عندما وقَّع على دستور عام 1962.
وفي سبيل تحقيق ذلك الحلم ثابر النظام، وبإصرار، على السعي للتملص من عقد الدستور، الذي ثبت حق ذرية الشيخ مبارك الصباح في الحُكم، وحق الشعب الكويتي بالمشاركة فيه. فسعوا إلى تقليص سلطات مجلس الأمة، الذي يمثل المشاركة الشعبية، إلى أدنى الحدود، وتحويله إلى مجلس شورى يزيِّن صورة النظام، من دون أي وزن لقرارات لا تتجاوز النصيحة، وهو ما فعله النظام في محاولاته، من خلال إنشاء لجنة تنقيح الدستور عام 1978، ومجلس الأمة عام 1981، والمجلس الوطني عام 1990، والذي أعاد تثبيته بعد تحرير الكويت مباشرة، رغم كارثة الاحتلال، ورغم أن الكويتيين وقفوا في مؤتمر جدة يعلنون أنهم متمسِّكون بشرعيتهم، في إطار دستورهم الديمقراطي، دستور عام 1962، ما حسم قرار تحرير الكويت ومشاركة العالم الديمقراطي فيه.
وفي سبيل تحقيق ذلك الحلم تعطَّلت سيادة القانون وخرب الجهاز الإداري للدولة ومؤسساتها، حتى انتشر الفساد، ورأينا كيف أن عصابة تنفذ جريمة كبرى شديدة الوضوح، وفي وضح النهار، مثل سرقة الديزل، وتخسر البلاد المليارات، وتمضي بلا عقاب.
وهكذا، غاب الحرص على النهوض بالبلد والتحسب لمستقبل أبنائه، فتوقفت التنمية وتدهورت خدمات الدولة، وأهمها التعليم والصحة، وتزايدت البطالة، وأصبحنا في مؤخرة الركب، نتحسَّر على ماضينا، ونفقد بوصلتنا للخروج من المأزق.
والآن، وبعد كل هذه الآلام، وعوضاً من أن يتخذ النظام القرار الصعب بتصحيح نهجه، يأتي ويفرض علينا مجلساً بصَّاماً يكرِّس نهج النظام، ويتمادى فيه، ويهدر حقوق الكويتيين وحلمهم بالنهوض وإنقاذ بلدهم في هذا الوقت الحرج، الذي يجمع فيه أبناؤنا المختصون على أننا إذا سرنا على هذا المنوال نفسه، فإن كل مداخيل البلاد من النفط لن تكفي لتسديد رواتب موظفي الحكومة عام 2025، وبعد أن يدخل سوق العمل ما يزيد على 400 ألف مواطن جديد.
لكن ما يُضاعف من خطورة هذا المرسوم، هو أنه يضرب في القواعد التي تأسست عليها الكويت، وتنصيب الكويتيين صباح الأول أميراً لها، وهي المشاركة والشورى.
فيقوم بتحديد الحجم والكيفية التي يشارك بها الكويتيون بالحكم دون استشارتهم وهو ما يخل بصلب المشاركه التي قام على أساسها الحكم.
هذه المشاركة هي جوهر وحدة الكويتيين، مواطنين وحكاماً، وتلاحمهم. وهي الأساس في حماية الكويت ودفاعها الأول. ولقد رأينا الكويتيين يلجأون إلى تلك الوحدة في أحرج لحظات حياتهم، فقاموا بتأسيس المجلس الاستشاري عام 1921 بعد حرب الجهراء عام 1920، وقاموا بالتعاهد على ذلك في دستور عام 1962، بعد تهديدات عبدالكريم قاسم عام 1961، واُحتلت الكويت عام 1990، عندما أخلَّ النظام بالوحدة الوطنية والمشاركة الشعبية، بحلِّ المجلس عام 1986 وإنشاء المجلس الوطني المسخ، وحسم العالم قراره بتحرير الكويت، بعد أن أعلن النظام تمسكه بدستور عام 1962، وأعلن الشعب الكويتي توحده مع الشرعية القائمة على ذلك.. هكذا أبلغنا وفد من الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي عندما زاروا الكويت بعد التحرير.
إن ما آلت إليه الأوضاع في هذه اللحظات، هي أن النظام وضع بلادنا على طريق شديدة المخاطر، تشير كل المؤشرات إلى أنها متجهة فيها إلى أزمة معيشية عاصفة يفقد فيها الاستقرار والأمان، وتتصارع فيها الفئات الاجتماعية وتمزق وحدتها الوطنية، في زمن تحف بنا المخاطر معه من كل صوب، وتتفاقم من حولنا فيه التهديدات بالحروب، وهي حروب تهدد بأن تجرفنا معها إلى نهاية لا نعرفها، لا قدر الله.
لذلك، يجب أن يقف الشعب الكويتي الآن وقفة رجل واحد، ليقول للنظام كفى! فقد وصلت السكين إلى الرقبة، ولم نعد نستطيع التعايش مع هذا النهج المدمر، وسنقاطع انتخاباتك هذه، لنعبِّر عن رأينا، وبشكل لا التباس فيه.