كتاب سبر

بعيداً عن السياسة .. وبشت طويل العمر

بعيداً عن السياسة .. بعيداً عن شعاراتنا المطالبة بالكرامة .. بعيداً عن اعتصاماتنا للإفراج عمّن كتب حرفاً فأودعه سجناً وقهرنا ممن أطعمنا لحماً فاسداً وهم عليه راضون.
بعيداً عن بشت “طويل العمر” الذي كمم أفواهنا وقريباً من مرآة ذواتنا التي أبصرناها فبكينا من كآبة المنظر وخفنا سوء المنقلب.
ساعة مع الذات نتأمل حالنا وماضي أيامنا فتبتسم حزناً على متغيرات الأحوال فالسياسة ليست فقط من مزقتنا وغيرتنا بل حتى من اعتقدنا أنهم عكّاز حياتنا نتكيء عليه إن كسر غدر الزمان أقدام أحلامنا وصدمنا الواقع بمالا نتوقع فتسقطنا الهموم باحثين عمّن يمسح بيمين مواساته قلوبنا التي أرهقتها دموع اليأس فلا نجد منهم إلا الشماتة والسعادة بما نحن فيه.
كنا نعتقد أننا نعرفهم ، كنا نتوهم أنهم سندنا بالحياة وهم قيمتها الباقية وهم من يشكلون أبجدية كلمة “أصدقاء” فلا نجد إلا من رحم ربي يصمد بحرفين لتأتي مطامع الحسد والغيرة فتمسح الحروف الباقية فيسقط أولها وآخرها فلا يبقى إلا “صد” عن مواساتك والفرح لنجاحاتك فتنطق ملامحك الشاحبة بحزن قائلة “ربي احمني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيلٌ بهم”.
كثرة الخسارات وغدر من أخلصنا لهم جعلنا نجزم أن حياتنا كالمطار فيها مغادرون وقادمون حتى بتنا لا نتأثر بمن يسقط من قائمة الأسماء فقد علمتنا الحياة أن لا نجالس من يقلل من قدرنا وقيمتنا ويُهمش نجاحاتنا وإن كانت صغيرة فالحياة العظيمة تحتاج لأفكار عظيمة والأشخاص الرائعون هم من يتوجوك ملكاً على عرش اهتماماتهم فيفرحون بخطواتك بل ويشجعونك ولهذا لم نعد نحزن على من يسقط من شجرة الأصدقاء حسداً وغيرة فالبعد عن هؤلاء مكسب للعقل والحياة بدونهم أجمل.
نعم نحزن على فراقهم وعلى تبدل أحوالهم ونتساءل لماذا لايبادلونا الحب الذي نغرسه في دربهم ونحصد منهم كل حقدٍ وضغينة على طموحاتنا الصغيرة

هل نكابر ونتحمل باسم الصداقة سهامهم المسمومة بالخبث أم نغادر حياتهم ونودع فيهم ذاك الصديق القديم الذي أحببناه ؟
علمتنا الحياة
أن نحتفظ بماضيهم الجميل ونتمنى لهم الخير فالعلاقات تنتهي وعلينا أن نتعلم كيف نغادر حياة الآخرين مرفوعي الرأس.

أحبب فإنك مفارق .. رغم قسوتها إلا أننا لا ننكرها وعلينا أن نُقصي من حياتنا أولئك الذين يفرحون بفشلنا وتعثر خطواتنا وإن كانوا أصدقاء أو نتوهم بأنهم كذلك وعلينا أن ننهض وننفض التراب ونكمل المسير وحتماً سنجد من يسايرنا بالطريق وينسينا إياهم فأولئك ياصاحبي نقطة وعلينا أن نضعها على سطر الماضي فالصفحات الجديدة لا تبدأ بالهوامش بل بالعناوين ومهما طال المسير سنجد حروفاً نكتب بها أسماء من يعوضونا عمّن طويناهم مع صفحات الماضي .. فلنتفاءل
إضاءة:
ليس كل من نصادقه نعرفه .. فالأيام كفيلة أن تُضيء لنا زواياهم المظلمة فصبراً جميلا
آخر السطر:
والله يافهيد يابعض البشر ماتسرحه مع الغنم .. بس وش نقول