أقلامهم

ناصر المطيري: العراق الذي غزا الكويت واحتلها سنة 1990 لم يتغير فيه سوى شخص رئيسه المقبور صدام حسين.

خارج التغطية
الكويت والعراق.. أزمة لم تنته!
ناصر المطيري
هل من المصادفة المحضة أن تتزامن الذكرى الثانية والعشرون لتحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي مع تصريحات تهديدية يطلقها زعيم حزب الله العراقي بغزو الكويت والسعودية؟ بل هي في يقيني مقصودة وموجهة.
باعتقادي أن العراق الذي غزا الكويت واحتلها سنة 1990 لم يتغير فيه سوى شخص رئيسه المقبور صدام حسين، فبقيت الذهنية الشعبية العدائية لدولة الكويت كامنة لدى أغلب العراقيين لاتمحوها السنين وتقلب الأيام.. فالعقل العراقي الباطن مازال يضمر العداء للكويت ويعتبرها أرضا مقتطعة من العراق حسب ماغذته بذلك الثقافة الاعلامية الصدامية طوال ثلاثين عاما من عهد البعث العراقي.
لذلك ورغم تحرير دولة الكويت قبل اثنين وعشرين عاما لم تتوقف التصريحات من مسؤولين رسميين وشعبيين في العراق تردد عدم الاعتراف بترسيم الحدود مع الكويت الذي تم وفق قرارات دولية، ومازال البعض يكرر في كل عام أكثر من مرة التهديد والابتزاز ضد الكويت..
المؤسف أنه برغم ذلك كله دولة الكويت هي التي تبادر بمد يد التواصل مع العراق وهي من تبدأ بالصفح ومد الجسور السياسية والاقتصادية وتقديم الدعم واسقاط دعاوى الحقوق والمطالبات الكويتية من أجل «شراء ود العراقيين» واحتواء نواياهم العدوانية.. حتى ان دولة الكويت تبدو وكأنها هي التي تعتذر وتطلب الصفح من العراق عن جريمة الاحتلال.
فعندما اتفق البلدان على تبادل السفراء بينهما عام 2009 سارعت الكويت لايفاد سفيرها وفتح سفارتها في بغداد ابداءً لحسن النية والرغبة في فتح صفحة جديدة، غير أن الحكومة العراقية ماطلت في ارسال سفيرها للكويت لأكثر من سنة بعد بدء السفير الكويتي لدى العراق الفريق علي المؤمن عمله هناك وبعد أخذ ورد ومساومات ومشاورات حضر بحر العلوم سفيرا للكويت.. ومنذ أن بدأ عمله في سفارة العراق في الكويت لم يصرح مستنكرا ولا نافيا ولا موضحا موقف حكومته من تصريحات بعض الأوساط العراقية من نواب واعلاميين وشخصيات سياسية عراقية «تنبح» ضد الكويت بين فترة وأخرى.
واليوم الاستثمارات ورؤوس الأموال الكويتية تدخل العراق من كل الجهات، وتدشن الكويت خط رحلات الطيران مع العراق وتبدأ الوفود الاعلامية والاقتصادية زياراتها لبغداد لتعزيز التواصل والتعاون، ولكن دون جدوى.. التهديدات لم تتوقف.. والموقف الحكومي العراقي الرسمي صامت ازاء ردع الأصوات العدائية ضد الكويت، بل قد لا نتستغرب ان تفاجأنا باعتذار الحكومة الكويتية بدلا من العراقية.
نحتفل بمرور أكثر من عقدين على التحرير ولكن للأسف سوف تبقى لغة التهديد العراقية متواصلة تبرز بين الفينة والأخرى حسب الحاجة السياسية أو الاقتصادية التي تتطلبها كل مرحلة وان أي هدوء أو وئام سياسي مع العراق سوف يبقى مؤقتا وهشا لا يتجاوز الحدود البروتوكولية الدبلوماسية الشكلية، فمشكلتنا الحقيقية مع العراق ليست ببنود وقرارات دولية أو تصريحات هنا وهناك أو قضية فتح سفارة وتبادل سفراء بل المشكلة أعمق تضرب جذورها في قضية أصبحت بمثابة عقيدة وثقافة ترسخت في نفوس أجيال عراقية تربت على عدم الايمان باستقلال دولة الكويت وسيادتها لذلك تبقى الأزمة مع العراق مفتوحة ومزمنة حتى ولو مارس العراقيون في بعض المراحل أسلوب «التقية السياسية».