أقلامهم

بدر الديحاني: من الصعوبة بمكان التكهن بحكم المحكمة الدستورية التي تعتبر محكمة سياسية وليست قانونية فقط.

النظام الانتخابي وفصل السلطات 
كتب المقال: د. بدر الديحاني
حكم المحكمة الدستورية الذي سيصدر في السادس عشر من الشهر القادم سيكون منعطفاً تاريخياً سيتحدد بناء عليه شكل الصراع السياسي في المرحلة القادمة من أجل استكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية، ومع أن المادة الدستورية (71) التي استندت إليها الحكومة في إصدار المرسوم بقانون “الصوت الواحد” واضحة وضوحاً لا لبس فيه.
 فهي تشير إلى حدوث أمور “استثنائية” بين أدوار الانعقاد أو أثناء حل المجلس توجب الإسراع في اتخاذ إجراءات استثنائية، أي “تدابير لا تحتمل التأخير” وهو الأمر الذي لا ينطبق على تعديل النظام الانتخابي، فالاستثناء يبقى استثناءً من غير الجائز التوسع فيه، و”نظرية الضرورة” في القانون لها شروط ومحددات وضوابط لا تنطبق على هذه ظروف إصدار المرسوم.
ومع كل ذلك إلا أنه من الصعوبة بمكان التكهن بحكم المحكمة الدستورية التي تعتبر محكمة سياسية وليست قانونية فقط، وكما قال ذات يوم وزير العدل السابق السيد جمال الشهاب “إن حكم المحكمة الدستورية يختلف باختلاف الظروف والمقاصد والأهداف السياسية”.  
وعلى أي حال، وبصرف النظر عن الحكم المنتظر للمحكمة الدستورية فإن القضية التي اعترض عليها قطاع واسع من الشعب، فقاطعوا الانتخابات وخرجوا للساحات العامة والشوارع تتعلق بمبدأ ديمقراطي راسخ وواضح لا لبس فيه، وهو مبدأ فصل السلطات، حيث إن إعطاء الحكومة حق تعديل قانون الانتخاب يتعارض مع هذا المبدأ.
 فالحكومة في كل دول العالم الديمقراطي لا يجوز أن تنفرد بإقرار قانون الانتخابات الذي إما أن يُقر عن طريق البرلمان وإما عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة في حالة عدم وجود برلمان، حيث إن انفراد الحكومة بإقراره أو إدخال تعديلات عليه معناه أنه سيكون باستطاعتها التحكم بتركيبة البرلمان متى ما شاءت.  وفي هذه الحالة سيتحول البرلمان من مؤسسة دستورية تشريعية تمثل الأمة وتراقب أعمال الحكومة وسياساتها إلى مجرد جهاز تابع للحكومة، وهو الأمر الذي ينسف مبدأ فصل السلطات (مادة 50) الذي يقوم عليه نظام الحكم الديمقراطي الذي نصت عليه المادة السادسة من الدستور.
وبالطبع فإن الحديث عن مبدأ ديمقراطي راسخ لا يعني عدم الحاجة إلى إصلاح قانون 42/ 2006 من خلال مجلس أمة منتخب انتخاباً شرعياً، وفي السياق ذاته فإنه لا صحة إطلاقاً للقول إن الخلاف السياسي كان حول عدد الأصوات، أو إن التعديل قد التزم بالقاعدة الديمقراطية (صوت لكل ناخب).
 الخلاف كان ولا يزال حول مبدأ التعديل، أما قاعدة (صوت لكل ناخب) فتطبّق عندما يمثل الدائرة الانتخابية نائبٌ واحدٌ لا عشرة نواب كما هي الحال هنا!