أقلامهم

ذعار الرشيدي: أن تستجوب وزيرا في الكويت يعني أن تقدم له حصانة دستورية.

احنا شكو؟!
بقلم: ذعار الرشيدي
لطالما كانت أغلب الاستجوابات في المجالس السابقة بمنزلة صك براءة للوزراء المستجوبين، فنهاياتها دائما تؤدي إلى تحصين الوزير دستوريا من المساءلة اللاحقة على ذات المحاور التي تناولها الاستجواب.
أن تستجوب وزيرا في الكويت يعني أن تقدم له حصانة دستورية، خاصة اننا نعلم أن الحكومة كانت تمتلك دائما حصة لا بأس بها من أصوات «بعض النواب» الموالين لها، ولم يحدث في تاريخ الاستجوابات أن فقدت الحكومة ثقة بعبور أي من وزرائها الاستجوابات إلا مرتين، وذلك عندما انقسمت الحكومة على نفسها من الداخل بسبب صراع النفوذ، وهو ذات الصراع الذي نشهد هذه الأيام فصلا جديدا من فصوله.
استجوابات هذا المجلس (فيما عدا استجوابين) تختلف فهدفها ليس مساءلة الوزير ولا منح صك براءة للوزير بل هي منح صك براءة للمستجوب بكسر الواو ، بمعنى أدق بعض المستجوبين يريدون أن يبرئوا ذمتهم شعبيا قبل الحل المرتقب للمجلس، فالمجلس «طاير طاير»، إما بحل أو بإبطال أو طيران عدد من نوابه المطعون في عضويتهم.
وعامة، تحمل الاستجوابات الأخيرة 3 رسائل سياسية بغض النظر عن نوايا النواب، الرسالة الأولى موجهة للشعب فحواها أن هذا المجلس لايزال يعمل «رقابيا»، والرسالة الثانية للحكومة مفادها أن هذا المجلس الذي لا أحد يعرف أقليته من أغلبيته ولا معارضته من موالاته يريد إسقاط الحكومة عبر استهداف وزراء بعينهم، والرسالة الثالثة موجهة من خارج المجلس تعكس الصراع الدائر على النفوذ بين الأجنحة الأربعة، والتي لاتزال تسيطر على اللعبة السياسية في البلد وبشكل أشرس من ذي قبل.
إلى أين ستنتهي الاستجوابات؟ حتما إلى لا شيء، فمع كامل احترامي وتقديري لأشخاص مقدمي الاستجوابات، فمناقشتها لن تتم هذا المجلس، فالحكومة قادرة في حالتين على تجاوز الاستجوابات، الأولى بتأجيلها، والثانية بإحالتها للمحكمة الدستورية، وحتى لو نوقشت فالحكومة إذا ابتعدت عن ظلال صراع النفوذ فستمتلك أغلبية مريحة يمكنها بها أن تعبر بحر المانش سباحة بإصبع واحدة.
إذن المشكلة في داخل الحكومة، وليست في مقدمي الاستجواب ولا المجلس ولا الشعب، ولا البرتقاليين ولا الزرق ولا الخضر، بل في الحكومة نفسها، التي تعاني الآن من مشكلتين رئيسيتين الأولى صراع النفوذ الذي يستهدف رئيس الوزراء نفسه ويستهدف كذلك نائبه عبر خلق معارضة «مصطنعة» ضدهما، والثانية والأهم أن الحكومة وبسبب هذا الصراع المحموم عاجزة عن تقديم أي إنجاز لها على أرض الواقع تقدمه للشعب.
توضيح الواضح: مرة أخرى أعيد وأكرر ما سبق أن قلته، أربعة أو خمسة أشخاص متهاوشين… إحنا الشعب شكو؟!