أقلامهم

خلود الخميس: المهزلة التي يمارسها الشعب، أنه لا يسكت أبدا بادعاء «حرية الرأي»!

كويتي.. و«بانفجر»!
بقلم :خلود عبدالله الخميس
 
العنوان وصف لائق بالشعب الكويتي بما أن الانفجار يسبقه احتقان، وشعبنا المناضل في أقصى تعبئته «الاحتقانية» و«الله يستر بس من طشار الانفجار»!
ولنعد لسبب هذه الصفة، وهو أن المجتمع الكويتي ودود متآلف يعرف بعضه بعضا إما بالقرابة أو بالنسب أو بالجيرة أو بـ «اللقافة»، ولهذا تنتقل فيه الأخبار أسرع من عدوى الانفلونزا عبر رذاذ العطاس!
و«اللقافة» تعني «التعارف القسري أو بالأمر الواقع» وتحدث بين الموظفين في أماكن العمل، أو الطلبة في الصف الواحد أثناء المراحل الدراسية المختلفة، أو في الأسواق وهذه قصتها قصة!
فحين تقف دورا بأحد المقاهي لتبتاع مشروبك، تفاجأ بمن «يسولف معاك» من حيث لا تحتسب، ومع هؤلاء أنت بين أمرين إما الاستجابة والانفتاح، وهذه مصيبة لا تحمد عقباها، فلا تدري نفس ماذا ستجني من علاقة فرضها «وقوف في صف مقهى»! وإما ان تبتسم وتسكت وتمضي لشأنك، وأنت هنا مغرور متكبر، وما يتبعها من قوائم السخط الشعبي ان غضب على أحد!
طبعا لن أتحدث عن الذين يعرفون من أنت، فهذه تحتاج كتاباً لا مقالاً، يبحثون عن طريقة لفتح حوارات معك في الأماكن العامة، ولا يهم استعدادك ورغبتك، فلست متحكما في قرارك أبدا هنا، فما دمت شخصية عامة فأنت متاح مباح محتل يأتونك أنى شاءوا و«يا ويلك» ان لم تحترم نفسك وتلقي لهم قطعة من وجهك وبعض أسنانك!
وبما أن المجتمع، كما أشرنا آنفا، الجميع فيه يعرف الجميع، فإننا نعيش في دائرة مغلقة من تبادل المعلومات، فالخبر، مثلا، تسمعه ليلا وتنام، وما ان تفيق لتصلي الفجر، ويوسوس لك الشيطان وتفتح «الواتس أب» حتى تقرأ الخبر ذاته مضافة إليه «فتوى»! ولا تعلم من المضيف!
ثم تتوجه للعمل، وتأمرك نفسك الأمارة بالسوء بأن تسأل رئيسك الثرثار، كنوع من السلام لا أكثر، عن هذا الخبر، فتجد الهول العظيم، أنه بلغ الزبى، وأضيفت له من الزيادات ما لم يضيفه بنو إسرائيل على توراة موسى ليأتوا بدين يناسب هواهم! وينادَى لصلاة الظهر، وما زلت عالقاً بتحليله للخبر، ومضطر تنصت وتومئ برأسك موافقا وأنت أقرب للارتجاج في المخ من «الهز»!
مصيبة الشعب الكويتي أن المصطلحات تشابهت عليه، لا يفرق بين الخبر والإشاعة، فينقل الخبر كما هو، ناهيك عن أن في النقل واجب التحري، ولكن تجاوزا لنقل «انقله يا سيدي» ولكن كخبر! كما هو لا تقدم مجهودا وتبحث في الإنترنت وتضيف له فتوى من أول رابط يظهر بوجهك «غلط» «موصح» «موشغلك»! «يا أخي» الخبر ينقل لا يضاف عليه!
إذا كان هذا التعامل مع الخبر الذي يتطلب أمانة النقل بلا تحريف، كما أوضحنا، فكيف بالإشاعة؟! بالتأكيد «خراب بيوت»، ولكم في الواقع شواهد في «كيف يتعامل الكويتيون مع الإشاعة؟»، باختصار: تخرج من شخص (صادقا كان بها أو كاذبا) وتلف لفتها في البلاد وعندما تعود إليه يبثها مرة أخرى ظنا منه أنها جديدة! فلم يتعرف عليها بعد أن قضت نهارها تدور في «الشموس بين البيوت والمكاتب وجبرة الخضرة وسوق السمك» وهكذا..!
وكل ذلك لأننا شعب واقع بغرام التذمر! صُنع في الكويت، لاصق يجب أن يوضع فوق رف في المكتبة الوطنية للتراث الشعبي لاختراع «التحلطم» لحفظ حقه للشعب الكويتي!
شعب يتحدث في كل شيء بنقد وأغلبه سلبي، يدلو بدلوه في كل أمر يعنيه وما لا يعنيه، يعرفه أو يجهله! إن حبلت أنثى حيوان في القطب الشمالي كان أول من يبارك! وإن سقط حملها كان أول المعزين، ذلك بالطبع في الوسيلة العظيمة المسماة «تويتر»! وسيلة أنجبت لنا جيوشا من أبطال الشاشات، أحدهم لو التقيت به صدفة في أي مكان، ونفخت في وجهه الحقيقي، لا ذاك المتخفي في «البروفايل»، انكفأ على قفاه رعبا، لأن سيفه «كيبورد» ويرعبه الهواء، والحمد لله على كل حال على ما ابتلينا به!
المهزلة التي يمارسها الشعب، أنه لا يسكت أبدا بادعاء «حرية الرأي»! أيها الأفاضل، ألا يتطلب الرأي القليل والحد الأدنى من العلم بالشيء؟! حتى «القصاب» يجب أن تكون لديه معلومات كيف ومن أين يذبح الذبيحة؟! فليست كل الآراء تفرض «بالعفرته»!
إن دفعنا بهذا الكلام، قيل أنتم تكممون الأفواه! وبدأت لطمية جديدة على الحريات…!
الشعب لا ينام، لا يداوم في مكاتب العمل، ويسكن في «تويتر» ومعه «دلوه»! وويل لأي قضية تمر أو «هاشتاغ ـ وسم» إن لم يكن «الكويتيون» لها!
يتكلمون عن الفساد الحكومي، وتخمت أدراج أقسام شؤون الموظفين في الجهات الحكومية من أوراق الإجازات الطبية، وسبحان الله، كيف يحدث ذلك قبل وبعد الأعياد وإجازات الدولة، لأول مرة أسمع عن شعب يمرض جماعة، يتداعى لبعضه بالسفر والحمية! صدق القائل: «البعير لا يرى سنامه»!
شعب عظيم، شعب الكويت، أفتخر بكم، استمروا إلى الأمام، وبما أن كسر الأرقام القياسية بات مطلبا وطنيا لبيان التطور والتقدم، بشراكم، ستحتلون مكاناً علياً في موسوعة «غينيس» لجمعكم معجزتين، الشعب الأكثر «لقافة» والأقل عدداً في العالم! مبروك مقدماً!