أقلامهم

نواف البدر: الحرب التي تمارس ضد “البدون” ليست من طرف حكومي واحد بل من كل الحكومة.

«هنا بدون»!
كتب المقال: نواف فهد البدر
بعد أن خرج الكويتيون “البدون” من عزلتهم التي وضعتهم فيها الحكومات المتعاقبة التي عزلتهم عن المجتمع في مناطق خاصة بهم لا تصلح للسكن! وبعد أن فصلتهم عن التعليم الحكومي كما كان قبل الغزو، إلى جانب إخوانهم الكويتيين، وبعد أن نجحت في تشويه حقيقة “البدون” بفضل الصحف القديمة ومساهمتها (قبل الانفتاح الإعلامي).
وبعد أن خرج “البدون” عن صمت آبائهم وأجدادهم ووصلوا إلى كل الميادين الرياضية والأدبية والحقوقية أيضاً، فإننا اليوم نجد الكويتيين “البدون” في المنتخبات الرياضية، وأيضاً نجدهم أصبحوا أعضاءً في الجمعيات الحقوقية المحلية والدولية، وهذا تطور مهم بعد أن نجحوا في كسر الحاجز الموضوع بينهم وبين إخوانهم المواطنين وأيضا في توضيح حقيقة معاناتهم وحقوقهم المسلوبة.
ونجح الأدباء “البدون” الذين أبدعوا من رحم معاناتهم، وهم كثر، ومن شباب “البدون” المبدعين شعرياً الشاعر الرائع أحمد الرسلاني، الذي شارك في عدد من الفعاليات الأدبية وكتب قصائد جميلة تجسد معاناته كـ”بدون” وواقع مجتمع “البدون” الذي يعاني الكثير، وأراد الشاعر أحمد الرسلاني إصدار ديوان شعري أسماه “هنا بدون”، وتقدم إلى وزارة الإعلام للحصول على ترخيص لإصدار الديوان، وأصر مسؤول في الوزارة على حذف أربع قصائد تتكلم عن معاناة “البدون” ومناطقهم وحبها!
ويقول في مطلع إحدى القصائد التي اشترط المسؤول حذفها من الديوان:
تدرون منهو أحمد الرسلاني
إنسان  عبر/واقعٍ إنساني
شاعر يطالبكم/ بربع حقوقه
اللي منحتوها لواحد… ثاني
 ولا أعلم ما السر في منع أربع قصائد بعيدة كل البعد عن السياسة وقضية “البدون” من الناحية السياسية، فهي تتكلم عن الحرمان والألم النفسي الذي يعيشه “البدون”… هذا المسؤول وبعد أن قدم له الشاعر ديوانه، رفض وقال: ليس لدينا شيء اسمه “بدون”!
لو أردت أن أطلق ديواناً باسم شيء غير موجود، وهي عادة لدى الشعراء، فهل سيمنعني هذا المسؤول أم لأن الشاعر فقط “بدون”؟!
وقال له الشاعر إذن ماذا نحن؟ قال له: أنتم غير محددي الجنسية ورد الشاعر ولو جعلت اسم الديوان “هنا غير محدد الجنسية” فهل ستجيزه؟ رد المسؤول بكل غلظة (لا)!
قلتها سابقاً وأكررها، الحرب التي تمارس ضد “البدون” ليست من طرف حكومي واحد بل من كل الحكومة.
***
هناك إنسانة تعمل بصمت، وصمت جميل، وهدوء، هدوء راق لهدف نبيل، هي الإنسانة والناشطة الحقوقية هديل بوقريص المهتمة بقضية “البدون” وصاحبة حملة “معاً لـ”تيماء جميلة” التي تعد محاولة جادة للتعبير عن رفض الناشطين المتبنين لقضية “البدون” قرار إزالة البيوت التي يسكنونها في منطقتي تيماء والصليبية… شكراً من القلب إلى هديل بوقريص.