كتاب سبر

الحقائق.. يصعب تجاهلها

لازلنا ندور في نفس الدائرة المفرغة التي لن نجد لها حلًا مناسبًا ما دمنا نظن إن الخلل الذي نعيشه بسبب أشخاص بعينهم أو حكومة سابقة أو لاحقة، فالمنظومة كلها سارت ولا زالت  تسير بطريق خاطئ ابتداءً من سوء الإدارة واختيار الكفاءات، مرورًا بمن يضع الاستراتيجيات وانتهاء بالمنفذين وجيش المستشارين الوهمي.
لم نأتِ بالشخص المناسب لنضعه في المكان المناسب، ولم نبحث عن المبدعين المميزين ممن تعبت علي تعليمهم الدولة في أرقي الجامعات، بل كان للثقل  العائلي أو الاقتصادي أو للجمبزه في أحيان كثيرة السبب الرئيسي لسوء الاختيار، وهذا ما جرّ المصائب والكوارث على أغلب حكوماتنا التي تفاجأت بهؤلاء عندما تولّوا سدة المنصب. 
في بلادنا كما في بلاد أخوة العروبة والدم (استثني دبي) النظم  كلها تحتاج إلي إصلاح، إن لم نقل ثورة نوعية شاملة تنسف كل هذا الترهل الذي ضرب كل مفاصل البلاد، ودمّر العباد فجعلهم شعب مكاري ومستهلك وغير منتج، وكل هذا تم بفعل فاعل، أو بحكم الخير الكثير وارتفاع المداخيل والذي دائمًا ما يغطي علي كل العيوب والمثالب.   
أما بمناسبة اللغط الذي حصل في هذه الأيام بخصوص تصريح سمو الرئيس الذي أراه ما هو إلا تصيّد واضح لمسيرة هذا الإنسان البسيط والطيّب الذي قد لا يعفيه منصبه من النقد الهادف وليس التجريح، والذي كان أغلبه من أطراف  لها أجنداتها الخاصة التي تختلف عن أجندة وأهداف مجموعات أخرى داعمة لخط سمو الرئيس، لأسباب مصلحية ووقتية أيضًا.. (فكلن يدني النار صوب قرصه).
إذن فصراع مراكز القوى السياسية والاقتصادية أصبح علي المكشوف، فما عليك عزيزي القارئ إلا متابعة بعض الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي لترى وتفرز بحدسك الذهني من هم الفئات المتصارعة، فلا تظن إن الكلمة التي ذكرت عن نهاية دولة الرفاه هي السبب أبدًا، فما ذكر عن نهاية دولة الرفاه كلمه إنشائية عابرة لا تتعدي سطر واحد من ضمن ملزمة كبيرة تتحدّث عن خطة الحكومة، وما ذكر ليس بجديد ومعناه واضح جدًا، وهو إن كنّا نسير بنفس الوتيرة وبدخل ثابت ومصروفات متزايدة سنصل لنهاية مزعجة حقًا، وأزيد عليها أيضًا إن كانت تدار بلادنا بنفس العقليات الإدارية وسوء اختيار القياديين، حتمًا سنصل للهاوية لا محالة. 
ولكن المضحك المبكي هو هذا الشعب المسكين الذي لم يعرف معنى للرفاهية التي يتغنون بها، إلا إن كانت هي مجرّد سفرات متقطعة خلال الإجازات والأعياد محسود عليها، وهي التي عادة ما تكون من اللحم الحي ومن المعاش وكروت الفيزا المقسطة.. أمّا غير ذلك فالديون والهموم والضغوط النفسية والمشاكل الاجتماعية هي ما تثقل كاهل هذا الشعب المسكين الذي يرى الملايين التي يفترض أن تكون لسعادته ورفاهيته تستفيد منها فئه لا تتعدى أصابع اليدين، والبقية تتطاير شمالًا ويمينًا في بلاد الله الواسعة أمام عينيه، وهو الذي لا زال يأمل من حكومته أن تلتفت لتعليم متميّز لأبنائه بدلًا من غربة لا يعرف ماذا سيجني من خلالها، ومستشفيات تغنيه عن مشقة طلب العلاج بالخارج تحت رحمة وذل متنفّذ.. وسكن كريم طال انتظاره، وأمن غذائي غير وهمي لمزارع وجواخير الواسطة والتي استغلت لغير أهدافها الحقيقيه الرائدة، وغيرها الكثير من الأولويات.
لقد لخبط وخلط النائب رياض العدساني كل الأوراق علي كل الأطراف من خلال تقديم استجوابه لسمو الرئيس، وهذا حق دستوري للنائب لا ننكره سواءً اتفقنا معه ام لم نتفق، فرياض العدساني لم يعرف عنه سوى العفاف والنزاهة ولم يكن في يوم ما تابعًا لطرف معيّن،  سوى ما يراه في صالح البلاد، ولهذا كان له وجهة نظر واضحة، إلا أن كان الهدف الرئيسي هو تسريع حل هذا المجلس المسالم. 
ولهذا ارتبكت الساحة السياسية بين مؤيد ومعارض ومتردد، ولكن المراقب للوضع السياسي يلاحظ من خلال التصريحات ومانشيتات الصحف مدى الارتباك الذي شمل كل التوجهات والتيارات المستفيدة وغير المستفيدة من هذا الاستجواب المبكّر والمفاجئ في نفس الوقت.
لننتظر قليلًا فالأيام القادمة حبلى بالنتائج، والهدوء النسبي الذي لاحظناه في الفترات السابقة لن يستمر، في ظل أخطاء وارتباك الفريق الحكومي والذي لوحظ على وزيرة الغفلة الست رولا من خلال لقائها التلفزيوني وتصريحاتها التي أساءت للحكومة أكثر مما أفادتها. 
فأتمني من سمو الرئيس أن يكون أكثر حنكة ودهاء في ترتيب أوراق الحكومة جيدًا، فما نراه ونسمعه من بعض أعضاء الفريق الحكومي عن ما يدور في الكواليس وبأنهم “تدودهم” من القرارات والتصريحات المتضاربة شيء خطير، وهنا يجب التضحية في بعض الوزراء وعمل التدوير الحكومي المناسب لهذه المرحلة، واختيار الكفاءات القوية والشجاعة التي تعينه، سواءً من أبناء الأسرة او غيرهم، فالفراسة في اختيار الكفاءة لا يحتاج لمستشار أو لواسطة.
  
ليس دفاعا عن حكومه ولا عن أشخاص أبدًا، ولا أحمل إلا كل الحب والتقدير لكل مواطن شريف وعفيف في هذا البلد.. أمّا غير ذلك فلا أعترف ولا يشرفني الدفاع عن من يسرق قوتي وقوت أبناء شعبي جهارًا نهارًا، فما نراه ما هو إلا صراع خفي لذر الرماد في العيون، داعين الله  أن يحفظ الله الكويت وأهلها الطيبين تحت راية أميرنا المفدى وولي عهده الأمين.
بقلم.. سلطان المهنا العدواني