آراؤهم

حوارات واستجوابات!!

قبل أيام قليلة تابعنا العديد من الاستجوابات التي تقدم بها نواب مجلس الأمة ضد رئيس مجلس الوزراء وبعض الوزراء، حيث وصلت إلى خمسة في يوم واحد، ولا شك أن هناك حقاً للنائب في أن يستجوب، حيث إن ذلك هو أحد أدوات الرقابة التي يقوم بموجبها عضو مجلس الأمة الكويتي بالوقوف أمام معلومة تحرك الشك لديه، ولا يمكن معالجتها عبر السؤال البرلماني العادي. وقد كفل الدستور الكويتي هذا الحق في المادة 100 منه، فنصّ على أنه: “لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير”. 
أعضاء مجلس الأمة وُجدوا ليتأكدوا من تطبيق القوانين أو ليشرّعوها، ومن حق أي نائب أن يستجوب، ولكن بشرط أن يكون ضمن الإطار الدستوري، لكن المشكلة الآن التي نعاني منها تدني لغة الحوار، فالنائب ممثل للشعب، ويجب أن يظهر بصورة جيدة لأنه اختير من قبل الشعب، وأي نائب بدون أخلاقيات يساوي صفراً على اليسار. وهنا يجب عليه أن يمتلك مهارات الحوار في العرض والتقديم، فمثلاً في مجلسي الكونغرس والشيوخ الأميركيين عندما ينجح أحد في العضوية فإنه يخضع لدورات وجلسات وتمارين شديدة ومكثفة، فيتدرب على مهارات العرض والتقديم والإلقاء ولغة الحوار والجسد، ونجده في الجلسات الأولى للمجلس يفتقر إلى العديد من المهارات، وبعد أشهر يقف ويتكلم مستخدماً العديد من المهارات الخطابية والأسلوبية، وأهمها لغة الجسد، وذلك لأنهم هناك يعلمون أن هذا الشخص ذو مكانة عالية في المجتمع، ويجب أن يظهر بصورة جيدة.
وهناك مثال ثان نراه في مجلس العموم البريطاني، حيث إن النائب يخضع للعديد من الجلسات النفسية، ولديهم شيء يسمى التأهيل النفسي لأعضاء البرلمان لأنهم يعلمون أن الإنسان يمر بمشكلات عديدة من حيث الشخصية والعائلة وغيرهما، ولحرصهم على أن يخرج قرار النائب فيما بعد عقلانياً لا عاطفياً، ومن الناحية الثانية نجد أن النائب يمتلك شخصية مثالية جداً ومميزة إلى أبعد الحدود، فروح التعاون بعد ذلك ستكون في مجلس العموم البريطاني أو الكونغرس الأميركي مثالاً يحتذى لكل برلمانات العالم.
إن التجارب الأمريكية والبريطانية في الديمقراطية متميزة جداً، وليس عيباً أن نأخذ منهم خلاصات تجاربهم، ولا شك أن التجربة الكويتية الديمقراطية مميزة منذ القدم، ولكن المشكلة في هذه الأيام تكمن في شيوع ظاهرة الأخلاقيات المبتذلة، وتدني مستوى الحوار ولغته، وهو ما يعني اهتزاز أساس العمل الوطني ولبّه لدى مشرّعي القوانين، فالنائب بلا أخلاق عاجز عن أن يبذل وسعه في تطوير الدولة، وهو سينشغل حتماً بالمصالح الشخصية ويضعها فوق المصالح العامة.
من المفترض أن يكون تطوير الكويت أهم  من أي شيء آخر، وهو ما نسمو إليه، ونطمح دائماً أن يتحقق التطور والتقدم والارتقاء في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وأن نحقق رغبة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في جعل الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً، حتى وإن تأخرنا في ذلك، فأن نأتي متأخرين خيرٌ من ألا نأتي أبداً!
يبقى أمامنا أن نعرف طريقنا الذي يجب أن نسير فيه، وهل غير الحوار من سبيل قويم؟ نعم.. بالحوار ترتقي الأمم إلى أعلى المراتب.
أختم مقالي بكلمات خالدة لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، حيث قال: “إن التعـاون الذي ننشده هو التعـاون الذي يقوم على الحوار الديمقراطي، والنـقد البنّـاء، وحسن الظن، وصدق القول، والعمل لبـلوغ الرأي الأصوب والغاية المثلى لمصلحة هذا الوطن في الحـاضر والمـستقبل”.
T: @faisalalothinah 
E: kofaisal@hotmail.com