كتاب سبر

مانديلا والعرب

أكتب هذا المقال وأنا أعلم أنني سأتعرّض للهجوم من فئات مختلفة لا تؤمن بالحرية، لكن سأكتب ما يمليه علي ضميري. 
 
نيلسون مانديلا ذلك الرجل العظيم بإنسانيته وكرامته  وسعيه للحرية رمز النضال ورمز التضحية قدوة الأحرار ونبراس المظلومين والمضطهدين، حروف هذا المقال وغيرها من الحروف لن تعطي هذا الرجل حقّه لأنه أعظم من الحروف وأنبل من الكلمات وأصدق من الجمل، الزعيم مانديلا رحل عن دنيانا الفانية قبل أيام تاركًا خلفه إرثًا كبيرًا من الوطنية، رحل بعدما أعطى العالم الحديث بأسره درسًا دسمًا في العدالة والمساواة، رحل بعدما أسس قواعد النضال من أجل الكرامة الإنسانية، رحل بعدما علم عبّاد الكراسي والحكم بإن طالب الحرية والكرامة ليس هدفه تولي كرسي الحكم، و برهن على ذلك باكتفائه بفترة رئاسية واحدة فقط، مع العلم من أنه كان في أوج عطائه وزهوة شعبيته العارمة، لا يربطني بالزعيم مانديلا لا دين و لا عرق ولا دم ولا لون ولا شيء سوى رابط واحد هو الإنسانية، نعم يستحق هذا الرجل التكريم من العالم.
ما يشعرني بالغثيان و الاشمئزاز هو تباكي وتعازي الأنظمة العربية الخالية من الحريات على مانديلا، كيف يعزّى وينعى مانديلا وهو يحارب في بلده ماك ان يطالب به مانديلا مثلاً النظام السوري القاتل والمجرم والمغتصب لكل حقوق الإنسان، والذي لا زال يقتل شعبه حتى هذه اللحظة بلا رحمة ولا رأفة،  بل قتل شعبه بأسلحة دمار وكأنهم أعدائه، ينعى مانديلا أمام الشاشات، صدق المثل القائل إذ لم تستح فافعل ما شئت، أيضًا الإنقلابيون في مصر يقدمون التعازي  وهم من قام بقتل ألاف الأبرياء وانقلبوا على الشرعية وحطموا كل ما هو ديمقراطي في مصر، وعززوا حكم العسكر و قاموا بعسكرة الدولة، أي دجل يمارس هؤلاء، لا شك أنهم وصلوا مرحلة الجنون السياسي وهو أن يكذبوا و يصدقوا الكذبة، ومن المضحك المبكي هو تعزية دول الخليج في مانديلا، تلك الدول التي تعج سجونها بآلاف الرجال والنساء من أصحاب الرأي والتي تبطش بكل من يعارضها وتمارس أيضًا التمييز العنصري مع شعوبها والذي أفنى مانديلا عمره من أجل القضاء على التمييز العنصري.
لم استغرب أبدًا من يهاجمنا في مدح مانديلا، لأنه غير مسلم وكافر ومن هذا القبيل، لكن هل هؤلاء السلبيين لم يعلموا أننا مدحنا على نضاله ولم نمدحه على دينه عجبًا لأمرهم، الحمد لله الذي بيده كل شيء والحمد لله الذي لم يجعل لهؤلاء شيئًا علينا. 
خارج السرب:-

يلبسون بشوتهم و ينفخون كروشهم بأكل وشرب الحرام من أموال شعوبهم ويرسلون برقيات التعزية بمانديلا وهم في مجالسهم يقولون مات العبد!