كتاب سبر

الصراع على كرسي الإمارة

ما نشرته وسائل الإعلام من بعض تفاصيل شهادة الشيخ أحمد الفهد أمام النيابة يوم أمس في موضوع “الشريط” له دلالات في منتهى الخطورة وسوف يكون لها تداعيات كثيرة لعل أحدها إعطاء كتلة المعارضة النيابية بقيادة السعدون والبراك قبلة الحياة للعودة إلى واجهة الأحداث لأنه أصبح في أيديهما ملف دسم يتحدثون عنه بعد أن انفض الجمع عنهم.
الحديث منذ خمسة أشهر كان يدور عن شريط صوتي مسجل يجمع رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد ورئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي وهما “يتآمران” لإزاحة ولي العهد سمو الشيخ نواف الأحمد عن ولاية العهد، أما بعد شهادة أحمد الفهد فإننا أصبحنا أمام مقاطع “صوت وصورة” تجمع ناصر وجاسم وهو ما أجاب عنه أحمد الفهد بصراحة أمام النيابة، والأمر كما نُقل عن أحمد الفهد في شهادته أمام النيابة لا يتعلق فقط بهذه الجزئية بل يشمل فساداً مالياً وغسيل أموال وتدخلاً في البرلمان وحتى الشأن الأقليمي، بل والأخطر الحديث عن الوصول إلى كرسي الإمارة. 
يظل هناك احتمال بأن هذه المقاطع قد تكون مفبركة، ولكن حتى لو كانت المقاطع مفبركة فإن قول الشيخ أحمد الفهد بأنه عرض هذه المقاطع على رئيس الوزراء جابر المبارك وأكد صحتها يجعل الأمر محرجاً جداً لجابر المبارك، فإما أن يسكت وعندها يؤكد ضمنياً ما قاله أحمد الفهد وإما أن يُكذب قوله وبالتالي يدخل في مواجهة مع أحمد الفهد، وكلا الأمرين ليس سهلاً.
قد يقول قائل وعلى فرض صحة ما ورد في مقاطع “الصوت والصورة” ما أهمية شهادة أحمد الفهد في النيابة يوم أمس فالكل يعلم أن هناك صراعاً محتدماً وخلافات عميقة بين أطراف في الأسرة الحاكمة للوصول إلى سلم الهرم؟
 الجواب على هذا السؤال هو أن شهادة أحمد الفهد أخرجت الصراع الذي كان الكل يعلم به ويتحدث عنه من الغرف المغلقة إلى العلن، وإذا كنا سابقاً نتحدث عن أقاويل فإننا أصبحنا أمام وقائع “صوت وصورة”، وغير مستبعد أن تصبح قريباً في متداول الجميع، وهو ما يعني تدمير سمعة الشيخ ناصر المحمد وجاسم الخرافي، وهما بالتأكيد لن يسكتا عن ذلك، وربما يكون لديهما في المقابل وبما يملكان من نفوذ الكثير من الوثائق التي قد تدين أحمد الفهد أو جابر المبارك وهو ما أشار له جابر المبارك في قوله لأحمد الفهد “دير بالك ترى خصومك أقوياء”، وعندها سوف نصبح أمام حرب “كسر عظم” على المكشوف وبجميع انواع الأسلحة الثقيلة المشروعة وغير المشروعة.
الأخطر من هذا كله هو أن “الشريط” وشهادة أحمد الفهد يؤكدان أن الأطراف المتصارعة تنتظر لحظة القدر وتعد العدة للوصول إلى كرسي الحكم وأنها وصلت إلى مراحل متقدمة في التخطيط لذلك، وهنا يأتي السؤال الخطر: ماذا سيحدث فيما لو حانت ساعة الحقيقة التي قد تكون غداً أو بعد غد أو بعد سنة والأمور في أوساط الأسرة الحاكمة على هذا الوضع المخيف؟ لا شك في أن ما بعد شهادة أحمد الفهد ليس كما قبلها، وأننا أمام مشهد سوداوي قد يتطور بسرعة إلى الأسوأ، وأن الأمور باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات، فلم تعد هناك خطوط حمراء أو خطوط تماس بين الأطراف المتصارعة وأصبح اللعب على المكشوف وهو أمر يهدد أمن البلد واستقراره.
 
 
@salahfadly