كتاب سبر

صدام أهون من إيران.. لماذا؟

ما أسهل أن توجه التهمة لأي شخص بأنه صدامي أو بعثي.. لم أكتب قبل الغزو مشيدا بصدام.. ولم أمتدحه في أي وقت.. وكنت الوحيد الذي كتب ضده قبل غزوه الكويت بأيام..
هذا توضيح بدء لمن سيتنطع من عشاق إيران، أو صدام..
نقطة على السطر.
=======
لماذا صدام حسين أفضل وأهون وأقل كلفة وخسائر من إيران الحالية المحكومة بالحكم الطائفي العنصري، تحت يافطة ما يسمى: (الولي الفقيه)؟
سؤال لم يعد افتراضيا، أو ترفا فكريا، ولكن يفرض نفسه بعد أن أوصلتنا إيران لحد القرف من كل شيء، جراء تدخلاتها المكلفة تلقي بظلالها على المنطقة إجمالا، وينجم عنها نزف دموي ومادي، بينما الشعار المهيمن لإيران وأصدقاء إيران هو: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. فيما الحقيقة: لا صداع لأميركا ولا خدش حياء لإسرائيل، وإنما الموت واللاإستقرار لكل بلد عربي، دعك من استنزاف إيران نفسها.
والكلام لا يخرج عن جبال راسخة لواقع دماري قادت إليه السياسات الإيرانية.. فهذا العراق منذ أن تولته بعملائها الطائفيين الاستئصاليين يحترق ممزقا، وبينما كان أشد المتشائمين يتخيله بلدا مقسما إلى ثلاثة أجزاء، كردي وسني وشيعي، ها هو العراق جاهز للانشطار إلى ثلاثين جزءً ونيف.
وهذه سورية على ذات الشاكلة، تفوق مآسيها مآسي النكبة الفلسطينية منذ وعد بلفور وحتى زوال إسرائيل بإذن الله، ففي أربع سنوات ها نحن شهود على تسعة ملايين لاجئ سوري، ومدن مليونية مدمرة تظهرها الصور الحية كعصف المأكول أو إرم ذات العماد منسوفة نسفا.
نزل السوريون إلى الشوارع والميادين في حلقات دبكة يرقصون ويغنون، يطالبون بالإصلاح، وتغيير نظام جثم على صدورهم دون أي شرعية طوال أربعين عاما، جعل فيها سورية أكبر مورد للأدمغة المهاجرة، ومارس الديكتاتورية في نسختها الكئيبة المتخلفة.
وبينما كان منطقيا من الجميع ترك الشعب السوري وفق خياراته، يقرر مصيره بنفسه، إذا إيران تعتبر سورية محافظة ملحقة، وترسل جيشا بعد آخر، وميليشيا تلو ما سبقها، وتطلق عبر عملائها المؤتمرين بإشارات أصابعها في العراق، أعتى تنظيمات الإرهاب السنية، لتحول المسألة إلى خطر عالمي، في نفاق ليس أجلى منه وأوضح، في استنجاد لئيم مقزز، بمن تزعم إيران أنهم أعداؤها ليكون وضع مستقبل سورية مرهونا بما يسمى الحرب على الإرهاب!..
وها هي سورية اليوم، مفتوحة على كثير مآسي، ليبقى الشرط الإيراني تجاه كل الفضاء العربي، مسبق ومحسوم وجاهز، نحن مع أي قوة في بلاد العرب شريطة أن تكون غير سنية، فكل غير سني في أي مكان هو من شيعة إيران، حتى ولو لم يكن من الشيعة!
ولعل مراجع الفقه شاهدة، فكما العلويين في سورية ليسوا من الشيعة، بل هم كفار عند آباء التشيع من الكليني وحتى الخميني، ها هي الزيدية المعروفة بأنها الأقرب للسنة تصبح طائفة شيعية مندرجة في جيوب عباءة إيران، وتشيع إيران.
وفي الحقيقة أن هذا مدهش!.. فإيران بافتراض تشيع كل سكانها السبعين مليون، وهو غير الصحيح إطلاقا، إيران هذه مع ملحق عملائها في العراق، ونتف هنا وهناك، تظل في أفضل الأحوال أقل من 5% من جمع المسلمين في العالم.
أقلية صغيرة، وشأن الأقليات في كل الدنيا أن تركد، وتراعي مصالحها بالسلم والتعايش، لا أن تشاغب وتتصرف وكأنها الأغلبية، وغيرها غير أصفار على الشمال!..
ومع التقزز من كل حديث طائفي، ومع الامتعاض من كل تجاوز على حق أي مسلم بالتمتع بمذهبه وانتمائه وحقوقه وحرياته، أستذكر هنا قولا لأحد أهم مفكري الشيعة في العراق، إنه الأستاذ حسن العلوي، في تشبيهه السنة بالبحر المتوسط، والشيعة بجزيرة قبرص، لتكون الحكمة والسلامة لجزيرة لا يمكنها بأي حال التهام البحر، ألا تستفزه ليبتلعها بأمواجه الهادرة.
فما هي جدوى العبث الإيراني بتركيبة اليمن؟
أي علاقة وأي جوار لإيران وأي تبادل بين إيران واليمن، حتى يصبح أمن الجمهورية الإسلامية من أمن اليمن!؟
والشاكلة على هذا في كل بلد تدخلت أو حشرت أنفها فيه إيران، وقد صار جليا الآن أن كل ذلك يتم في نطاق عملية جمع أوراق تفاوضية مع الأميركيين، ولعقد الصفقات معهم.. وتماما كما فعل صدام، وكما أخفق صدام، وكما كانت نهاية صدام.
هنا مستحق الخوض في السؤال العنوان، وأكتبه كفلسطيني يحلم بقائد جيش عربي أو مسلم يحرر فلسطين، سواء أكان شيعيا أم سنيا، أو حتى إسماعيليا، أو زيديا!
لقد قصفت إسرائيل العراق في أوج قوته خلال حربه مع إيران، ودمرت مفاعله النووي، فلم نر منه ردا.. فلما رغب بابتلاع الكويت طمعا وجشعا، وشن العالم عليه الحرب قصف إسرائيل بالصواريخ..
لكنه في هذا الفعل الندب في تاريخه، أفضل ألف مرة من إيران، فهو احتل بلدا ثم انتبه لمسألة فلسطين، وجميعنا يعرف أن فلسطين في زمن العجز قميص عثمان يتخذ شماعة لنيل شعبية الرعاع والسّوقة، والحصول على شرعيتهم الفارغة، وإلا فطريق فلسطين مفتوحة معروفة لا تخطئها عين ضرير.
وعند عقد المقارنة نرى إيران لم تقصف إسرائيل لا بعد أن احتلت العراق، ولا بعد أن تدخلت في سورية، بل هي سحبت نتوءها الملاصق لقضية فلسطين (حزب الله) من ساحة مواجهة إسرائيل، وكلفته ذبح الشعب السوري، ومن بعده العراقي، لتباغتنا بنسخة جرباء حولاء عنه، في هذا الحوثي الأحمق، يرفع شعار الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل، كثم يقصف عدن، وتعز، والحديدة، والبيضاء، والجوف والضالع واليافع، وجيزان ونجران!
لقد وضعت عاصفة الحزم السعودية حدا لكل هذا.. ونحن سعداء بانهيار أحلام إيران التمددية والتوسعية.. لكننا بالمقابل  نشفق على إيران، ونرجو لها الحكمة والسداد، ولشعبها الخير والرفاه، وذلك لن يتم حتى تراجع سياستها.. وتستقيم.