عربي وعالمي

الجيش السوري يبحث عن مقاتلين

“بتوجيه من رئيس النظام السوري بشار الأسد، سنبدأ اعتبارا من الشهر القادم دفع مكافأة مالية تحت عنوان مهمة قتالية، لمقاتلي الجيش العربي السوري الذين يقفون في الصفوف الأمامية بالتماس مع المنظمات الإرهابية المسلحة، ومقدارها عشرة آلاف ليرة سورية شهريا، وبالتوازي سنؤمن وجبة طعام ساخنة لهؤلاء الأبطال”.   
بهذه الكلمات خاطب رئيس مجلس الوزراء السوري وائل الحلقي أعضاء مجلس الشعب المجتمعين الاثنين الماضي، مؤكدا على أن “السلاح والرجال والمعنويات وواقع الميدان بأحسن حال، والجيش السوري متماسك وقوي ويقاتل في أكثر من خمسمئة نقطة اشتباكات رغم بعض الانتكاسات التي حصلت مؤخراً”، وذلك بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية. 
هذه التصريحات لا يبدو أنها ستنجح في جذب المزيد من الشباب السوري للحرب المستعرة في بلادهم، رغم تزامنها مع حملة في شوارع العاصمة دمشق وغيرها من المدن تدعو للانضمام لصفوف الجيش. 
ورفعت هذه الحملة شعارات من قبيل: “التحقوا بالقوات المسلحة”، “بجيشنا نكسب بلدنا”، “جيشنا هو كلنا”.
ولا يرى عامر -وهو طالب جامعي في سنته الأخيرة- جدوى من المحاولات الحكومية تلك، فأغلب الشباب يبحثون اليوم عن فرصة للسفر خارج البلاد، وواهمٌ من يعتقد رغبتهم بالانخراط في صفوف الجيش أو غيره من التشكيلات المقاتلة كالدفاع المدني واللجان الشعبية، بحسب تقديره.
وقال إن الشباب ينضمون لهذه التشكيلات بالاستفادة المادية من الرشى والسرقات.
ويؤكد عامر للجزيرة نت أنه يبذل مع أصدقائه كل جهودهم للحصول على منحة لإكمال دراستهم في أوروبا، “فهي سبيلنا الوحيد للهروب من حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل”.
أما أم ياسر، فتعتبر نفسها محظوظة إذ استطاع ابنها السفر منذ عدة أشهر للاستقرار والعمل في إحدى دول الخليج العربي.
ورغم دفع العائلة مبالغ طائلة للحصول على تأشيرة دخول وإذن بالعمل، فإن أم ياسر ترى أن “المبلغ لا يساوي ثمن يوم واحد من القلق الذي كنت أعيشه خوفاً من سوق ابني لخدمة الاحتياط على أحد الحواجز أو خلال مداهمة ما”.
بدوره، يشير الناشط الإعلامي عمر الشامي إلى أن الخسائر المتتالية للجيش السوري في أنحاء البلاد -كإدلب ودرعا- لم تترك للحكومة بداً من اللجوء لاستقدام مقاتلين جدد عبر حملات تستثير عواطف الشباب.
وقال إن الحكومة استنفدت معظم الطرق الأخرى من اعتقالات وحملات مداهمة ومنع من السفر.
وبحسب الناشط الإعلامي، فإن إعلانات الحملة الأخيرة والتي تظهر فيها فتيات ونسوة محجبات وكأنهن عائلات الجنود في وداعهم قبل الذهاب لأرض المعركة، ما هي إلا طريقة لكسب التعاطف مع الجيش الذي قلت الثقة فيه بين أوساط المؤيدين  للنظام.
ويقول الشامي إن مؤيدي النظام فقدو الثقة في قدرة الجيش على الصمود أمام ضربات مقاتلي المعارضة.
ورأى أن تصوير بعض الفتيات في تلك الإعلانات وهن يحملن السلاح إلى جانب الشباب بمثابة دعوة علنية للنساء للانضمام لصفوف المقاتلين الحكوميين، لعلهن يعوضن بعضا من الخسائر.
ويقلّل الشامي من أهمية هذه الحملة وقدرتها على كسب التعاطف والتأييد من سكان العاصمة، فهي “باتت مصدر سخرية للكثير منهم، والذين لم يجدوا فيها سوى دعوة للموت المجاني في سبيل شخص وليس في سبيل وطن”.
ويشير إلى أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، فقد سبقها الكثير من محاولات تلميع صور الجيش السوري والدفاع المدني وغيره من “المليشيات الحكومية الفاسدة التي باتت سبباً لخوف وانزعاج المدنيين بدل قيامها بحمياتهم”.
ويذهب الشامي إلى أن معظم العائلات الدمشقية تعمل على إرسال أبنائها خارج البلاد خوفا على حياتهم.
ورغم تقليله من أهمية الحملات الحكومية المشجعة على الالتحاق بالجيش، فإنه يرى أنها قد تكون بمثابة “إنذار بالنفير العام”، مما قد يدفع من تبقى من الشباب للهرب من البلاد مهما كلفهم ذلك.