كتاب سبر

علاونة وشارع الحب

فلنفترض أنني”ماأواطن”يوسف علاونة,أبغضه,أمقته,لا أطيقه,لا يهم ضع ما شئت من المصطلحات التي تناسبك وترضيك علي مقياس “ريختر الكراهية” السابق, فقط لنتفق ان سبب الكراهية هنا مثالي جداً ومفهوم إنسانياً كوني أراه مس ثوابت معتقدي أو رموزي الدينية, أو حاول تأزيم العلاقة بين أطياف المجتمع, والاهم من ذلك هو اقتناعي كوجهة نظر شخصية بان ما قاله وغرد به مجرم قانونياً ويندرج تحت طائلة العقوبات التي رسمت حدودها النصوص والاجكام القضائية.

فلنفترض كل ذلك متجاوزين القاعدة القانونية الذهبية “المتهم برئ حتي تثبت إدانته” ولنأخذ الامر بشكل شخصي بحت و”رأس برأس”كما يقال,هل من المفروض ان أطالب بقطع تذكرة له وإبعاده خارج البلاد, ليغرد بذات المنهج وذات الافكار أم أن المفروض والمنطقي ان أطالب بمنعه من السفر حتي يحاكم علي جرائمه وفق مظلة القانون الذي حسب زعمي أنا الكاره أعلاه تجاوزه وتعدي عليه!

الجواب منطقيا لا يحتاج”جاهية فلسفية” تضم أرسطو وأفلاطون أو لجنة تحكيم منطقية يرأسها سقراط بمشاركة المستشارين إبن رشد والفارابي, فطبعاً لوكنت منضماً “لجمعية كارهي علاونة” لما أخترت سوى منعه من السفر لا ابعاده ليحاكم أمام القضاء الذي سيقول فيه القول الفصل بعيدا عن ضوضاء”الهاشتاقات”وضجيج الأراء المتضاربة.

ومن واقع إيماني بعدالة قضائنا وعدم شكي للحظة بأنه سوف يحاسبه في حال الادانة و”يبرد كبدي المفحوس” فيه وبصورة حضارية كذلك لي في هذا الأختيار مأرب أخرى, فالقضاء لا ينزل العقوبات فقط بل يرسم لنا من خلال نصوص الاحكام حدود الحريات ومفترق طرق الرأي والرأي الاخر, ومع كل حكم تنمو تجربتنا الدستورية تحت رعاية حماة القانون لنعرف أكثر واكثر ما هو مسموح وممنوع على بصيرة, كما حدث بعد حكم التمييز الأخير حول تفسير الاعمال العدائية ضد الدول الأخرى وكما حدث بعد مختلف الأحكام الصادرة التي رسمت وفسرت إطار حدود نصوص الحريات في الدستور.

أخيراً انا لست من كارهي الأستاذ يوسف علاونة فهو زميل وصديق ويؤسفني أشد الأسف ما حدث له, ولكن رأيي هذا لا يلزم من يكرهه بأن يحبه فقلوب الأراء ليست”جولييت” والاستاذ علاونة ليس”روميو” قطعاً, وكل ما كنت أرجوه هو أن نترك قضائنا الذي لا تتناطح عنزان حول نزاهته ليؤدي دوره فيما كنا نختلف فيه, فالعدالة مكانها الطبيعي والدستوري تحت قبة قصر العدل لا في شارع الحب أو الكره لعلاونة!