أقلامهم

أوقفوا البعثات إلى أميركا فكل مسلم أو عربي مشروع سجين فيها

قبل أكثر من عشر سنوات كنت أحد أكثر العاملين في الوسط الإعلامي الذين طالبوا باستثمار أكبر قدر ممكن من الفوائض المالية الضخمة التي كانت تحققها الكويت حينئذ في خطط ابتعاث كبيرة لبناء جيل جديد من خريجي أفضل الجامعات العالمية، وبالطبع فإن أهم تلك الجامعات تقع في الولايات المتحدة الأميركية، وتقدمت آنذاك لأكثر من عضو في مجلس الأمة باقتراحات برغبة بهذا الشأن، وتم تقديمها بالفعل.

لكن اليوم، ومع ما يحدث في الولايات المتحدة من نزعات عنصرية، ووصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض بإدارة ذات توجهات متطرفة، ووجود قوانين أميركية جديدة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، من خلال تفتيش أجهزته الخاصة، من هواتف وحواسيب إلكترونية، في المطارات دون سبب أو أدلة، وغالباً يخضع لها المسلمون والعرب في المطارات الأميركية، فمن الأحوط مراجعة خطط الابتعاث إلى الولايات المتحدة، وتخفيضها بشكل فوري، إذ إن الأيام والشهور المقبلة ستحمل إجراءات وممارسات أميركية سلبية تجاه معظم المسلمين وذوي الأصول العربية.

منذ أيام، وفي ولاية ألاباما، وتحديداً بمدينة موبيل، أقدم طالب سعودي في الثامنة عشرة من عمره على إشعال حريق متعمد، وتدنيس العلم الأميركي، ذلك الطالب الذي ادعى أنه يملك متفجرات في منزله أثبتت التحقيقات عدم صحتها، بالإضافة إلى شهادة معارفه بأنه طالب مجتهد ومعتدل، لكن غير معروف سبب تحوله ذلك، وإن كان البعض يرجح أن كمية الدفق الإعلامي العنصري خلال الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب دونالد ترامب والاعتداءات على المسلمين والمحجبات بعد انتخابه أدت إلى خلل نفسي دفعه لذلك السلوك العدواني.

حالياً كل مسلم أو عربي هو مشروع سجين في أميركا، فمن منا لا يتلقى رسالة على هاتفه من صديق أو قريب أو جار أو رفيق عمل تحمل معنى جهادياً، أو لرفع شأن الدين الإسلامي والدفاع عنه، وحتى لو مسحت تلك الرسائل وقرر المتغطرس الأميركي في مطاره أن يعرض هاتفك على فني يرجع جميع البيانات من “الهارد ديسك”، فإنك ستصبح سجيناً في أميركا، بل إن حتى “فيديو” قصير لشخص من المغرب العربي لعملية طهور ابن أخيه كاد يرمي به في غياهب سجون الولايات المتحدة الأميركية.

لا أعتقد أنه من الحكمة في هذه الظروف المجنونة والعنصرية في أميركا أن نرسل مزيداً من شبابنا الأغرار إلى هناك، ليتعرضوا وهم في هذه السن الصغيرة إلى دفق إعلامي عنصري وممارسات شاذة ضدهم في المطارات والجامعات وجميع مرافق الحياة لا نعرف ما مدى انعكاسها على طلبتنا، والتي غالباً ما ستدفعهم إلى التطرف وعدم الاتزان، وعن كم القضايا التي ستنتج عن اصطياد أبنائنا في المطارات ومباحث الهجرة الأميركية التي تتصيد الطلبة العرب عند أي زلة أو هفوة دراسية.

بالتأكيد، إن القرار السليم لوزارة التعليم العالي، هو إعادة توجيه الطلبة الكويتيين المستحقين للبعثات إلى جامعات بديلة في كندا وأستراليا وألمانيا ونيوزيلندا ودول أخرى أوروبية وشرق آسيوية، وترك الوضع الأميركي، حتى يتعافى من مرضه العضال العنصري الذي ينتشر فيه كالسرطان ضد المسلمين والعرب، وقوانينه التي تخرق حقوق الإنسان، وهو أمر غريب لم تنتهجه دول كثيرة تعرضت لمشاكل أمنية كبيرة من منظمات إرهابية منذ الألوية الحمراء والدرب المضيء والجيش الأحمر الياباني والجيش الجمهوري الأيرلندي.