أقلامهم

نائب عديم الوفاء!

الوفاء من خلق الكرام، والغدر ونكران الجميل من صفات اللئام، وفي حياتنا عدة مواقف وأحداث، تعرف بها الكريم من اللئيم.

تأملوا حال بعض الأبناء والبنات مع الآباء والأمهات، والطريقة التي يتعاملون بها مع والديهم، وهل مازالوا حريصين على رعايتهم وخاصة عند كبر سنّهم، أم أن الكل مشغول ولا همّ له إلا الأمور الدنيوية، وقضاء أمتع الأوقات مع الأصدقاء، في الوقت الذي يشتاق فيه الوالدان إلى جلسة – ولو سريعة – مع الأبناء أو البنات؟

الحياة الزوجية من أوثق العلاقات، خاصة أنها بُنيت على أغلظ المواثيق من كتاب الله وسنّة رسوله، والزوجان يكون بينهما من التقارب – الروحي والمادي – ما لا يتحقق مع غيرهما من البشر.

ولذلك تبقى العلاقة الزوجية لها من الخصوصية ما لها، ويمكنك أن تعرف معدن الزوجين من درجة الوفاء عند كل منهما للآخر، سواء في حياتهما أو حتى بعد وفاة أحدهما.

لقد أعطانا الرسول عليه الصلاة والسلام أروع الأمثلة في الوفاء للزوجات، عندما ظل يذكر فضائل أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ومناقبها حتى بعد وفاتها، وكان يردد «والله ما أبدلني الله أحداً خيراً منها».

الوفاء بين الأصدقاء رائع وجميل، ولا خير في من لا يحفظ وداد ساعة، فكيف بمن هانت عليه رفقة سنين.

فحقيقة الصداقة أن تقف مع رفيقك وقت الضيق وألا تتخلى عنه في الشدائد والمُلمّات، ولا يكون حالك كقول الشاعر:

ولا خير في ودّ امرئ متلون… إذا الريح مالت مال حيث تميل

جوادٌ إذا استغنيت عن ماله… وعند احتمال الفقر عنك بخيل

فما أكثر الإخوان حين تعدهم… ولكنهم في النائبات قليل

وحقيقة الصداقة أن تظل وفياً لصديقك في حضوره أو غيابه، في يسره أو عسره، وفي حياته وحتى بعد وفاته.

ومن أروع الأمثلة التي عايشت بعض مواقفها في الوفاء، هي علاقة الأُخُوّة والصداقة التي ربطت بين النائب السابق فلاح الصواغ رحمه الله، وأخيه النائب الحالي د. جمعان الحربش.

هذه العلاقة التي استمرت لسنوات، ولم تنقطع حتى برحيل «أبو سعود»، رحمه الله.

ولعل من صور الوفاء حرص النائب الحربش على متابعة موضوع أسباب وفاة أخيه الصواغ، والتي تحيطها شبهة القتل الخطأ على أقل تقدير.

وللأسف أن نجد بعض الناس ممن يطعن في هذه الأخوة، ويعتبر هذه المتابعات من النائب الحربش لقضية وفاة الصواغ أنها من باب التكسب الشخصي أو السياسي!

وأعتقد أنه من لم يعرف الوفاء ولم يجربه في حياته، وبنى حياته على المصالح والمنافع الشخصية، يحق له أن يُطلق مثل هذه الاتهامات، فكلٌّ يرى الناس بعين طبعه.

إن من صور الوفاء أن تحفظ المعروف لمن صنعه لك، فمن أقرضك مالا، فلا يجوز أن تماطل في سداده، وقد كان سببا في تفريج كربتك.

ومن ناصرك في شدتك لا ينبغي أن تتخلّى عنه وقت رخائك.

ونقول للسادة نواب مجلس الأمة ممن عاهدوا الناخبين على نصرة قضاياهم، والوقوف بجانبهم، وتبنّي مطالباتهم، عليكم أن توفوا بعهودكم «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا».

وأما من تخلى عن الناس، وقلب لهم ظهر المجنّ، وأخذ يجري وراء مصالحه، ويبني مواقفه على حسب الانتفاع الشخصي، وضرب بمصالح الناس عرض الحائط، فليعلم أنه «نائب عديم الوفاء»، وسيرد له الناخب الدَّيْن مع أقرب انتخابات، وسيجني ما زرعته يداه، ولعل في نتائج الانتخابات الأخيرة خير عبرة.