أقلامهم

ماذا به برلمان الكويت؟

شن الكاتب اللبناني المعروف سمير عطالله هجوما شديدا على مجلس الأمة الكويتي ونواب البرلمان، مركزا هجومه على مستجوبي رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك بصورة لافتة!

وقال عطالله في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط السعودية: “المشكلة أن المجلس يعتقد أن مهمته هي إبقاء الدولة على أعصابها، والوطن على قلقه. ولم تعد هيبة النائب وكرامة المجلس الأساس، بل الإثارة والاعتراض والانشقاق، كأن ما من مسألة أخرى في البلاد.”

وفيما يلي نص مقال الكاتب سمير عطالله:

هناك موضوع لم تعد الصحافة العربية تتعرض له، حتى عن طريق المراسلين، هو الاستجوابات التي يتقدم بها بعض نواب الكويت إلى الحكومة. لقد تحولت المسألة من هواية إلى ملل وإلى مفاقمة في الأسلوب وفي المعنى. وهذا لا يعني أنه لا يحق للنائب استجواب الوزراء، أو الحكومة؛ فإن عمله الأساسي مراقبة العمل الحكومي.
ولكن لحساب مَن ومِن أجل مَن؟ مبدئياً، من أجل سلامة الدولة ووحدة الوطن. المشكلة أن المجلس يعتقد أن مهمته هي إبقاء الدولة على أعصابها، والوطن على قلقه. ولم تعد هيبة النائب وكرامة المجلس الأساس، بل الإثارة والاعتراض والانشقاق، كأن ما من مسألة أخرى في البلاد. وقد اعتادت الصحافة على بلبلات البرلمان حتى تكاد تنسى أن هناك ما هو أهم بكثير؛ أي أن يقدم مجلس الأمة لناخبيه بالدرجة الأولى، وللعالم العربي، نموذجاً عن رقي العمل البرلماني ودوره، وكونه جزءاً لا يتجزأ من صون الدولة؛ ليس عدواً لها ومتربصاً بها مهمته التعطيل والعقبات وإثارة الهرج.
الآن انتقل بعض النواب من النقر في استجواب الوزراء منفردين، إلى استجواب رئيس الوزراء، الشيخ جابر المبارك. والمعارضون، قبل المستقلين في الكويت، يعرفون أن الرجل يتمتع باحترام شعبي عميق على مستوى البلاد. ويعرفون أنه في منصبه ذو أداء وطني دافئ، بعيد كلياً عن عاديات السياسة اليومية، محتفظاً لنفسه بسياسة وطنية دستورية، حريصاً إلى أقصى درجة ممكنة على أن يكون منصبه رمزاً فوق الجدل المسيء أو النزاع المؤذي.
لذلك، يبدو الإصرار على استجواب جابر المبارك تجاوزاً دستورياً على نحو مفضوح. كما يبدو ليس تعريضاً بسمعة الرجل وصورته في نفوس الكويتيين؛ وإنما هو تعريض مباشر بصورة ما يمثل من استقرار وطني بعيد عن المشاحنات، التي يسير البعض على جسر الكويت إليها.
تنظر الصحافة المحترمة في الكويت بريبة شديدة إلى التصرفات الأخيرة في البرلمان، وتحاول الإبعاد قدر ما تستطيع عن مثل هذا المستوى من المشاحنة؛ لا حرصاً على حكومة تأتي وتذهب، أو مجلس يقوم وينتهي، وإنما على تلك الصورة التي رسختها الكويت في أذهان العرب ذات يوم، عندما قررت أن شعبها يستحق البرلمان، وليس تسخيف البرلمان.