منوعات

الكويت قديما.. قساوة البيئة فرضت حاجة المواطنين لاستقدام الثلج وصناعته

فرضت قساوة الطقس والظروف المعيشية على أهل الكويت قديما التكيف معها والاستعانة بما لديهم من وسائل لإعانتهم على تحمل بيئة الصحراء القاسية والحرارة الشديدة صيفا فكانت (البرمة والحب) المصنوعة من الفخار و(التنكة) من الحديد من أهم وسائل تبريد مياه الشرب إلى جانب استخدام الآبار المنزلية.
ومع دخول الثلج إلى البلاد الذي كان يستقدم من (البصرة) على متن السفن استدعت الحاجة إنشاء مصانع للثلج لتأمين احتياجات الكويتيين فانبثقت فكرة إنشاء أول مصنع للثلج على يد الحاج المرحوم محمد الفوزان المتوفى عام 1900 في منزله باستخدام آلة صغيرة.
في هذا الشأن قال الباحث في التراث الكويتي حسين القطان لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن المرحوم الحاج محمد حسين معرفي بدوره اشترى معملا للثلج في الكويت عام 1912.
وأضاف القطان أن الكويتيين كانوا يطلقون على الثلج اسم (بفر) المشتقة من كلمة (بارف) أي الثلج باللغة الفارسية ومن ثم أسموه (فلج) وهو الاسم الذي أصبح فيما بعد تعبيرا يعكس حقبة زمنية من تاريخ الكويت لاسيما بعد ظهور عبارة (فلج بوصالح) في المسلسل التلفزيوني الشهير (درب الزلق) الذي جسد فيها الفنان الراحل خالد النفيسي شخصية بائع الثلج.
وأوضح أن بيع الثلج لم يكن مقتصرا فقط على المصانع والمحلات في السوق بل إن أشخاصا من العامة أقدموا على بيعه في بسطات سواء في (البراحات) وهي الساحات القريبة من البيوت أو في الزوايا الأخيرة للفرجان وهي جمع فريج أي الحي فكانوا يشترون قوالب الثلج من المصانع ويغطونها بقطع من (الخيش) ثم يبيعونها على أجزاء عن طريق كسرها بالحجم الذي يطلبه المشتري وكان لأصحاب البسطات أوقات معروفة بين الناس لتواجدهم وللبيع.
وذكر أن أسعار بيع الثلج في السابق كانت رخيصة وفي متناول الجميع إذ لا يتعدى المبلغ (آنه او آنتين) (الآنه تعادل فلسين تقريبا) وتوزن قطع الثلج بالأوقية وعند كسر القطعة يضعها البائع في (الملة) وهي آنية ملبسة أو ملة النحاس ذات اللون الأصفر.
وأشار إلى أنه للمحافظة على بقاء الثلج مدة أطول كان يتم وضع قطع الثلج الصغيرة داخل قنينة ماء تسمى (مطارة أم نسر) التي اشتهرت قديما كأول (مطارة) عرفها الكويتيون وهي ملبسة بالزجاج من الداخل ومن الخارج من الحديد ولها عدة ألوان كالعنابي والأخضر.
وفي فترة الأربعينيات افتتح مصنع الغانم للثلج في منطقة شرق فمصنع الحمد في المرقاب وبعده مصنع الغانم في الشويخ وتلاه مصنع السالم والفوزان والشيخ خزعل وآخرها كان مصنع الجسار للثلج.
وقال القطان إن ماكينة صنع (الدندرمة) اليدوية وهي كلمة تركية تعني (المثلجات) دخلت إلى البلاد بعد معامل الثلج وكانت الدندرمة المصنوعة من الثلج المنكه بنكهتي البرتقال والليمون توضع في عربة (عربانة) يتجول بها البائع بين الفرجان.
وتحتوي عربة بائع الدندرمة على صفيحتين (تنكتين) أسطوانيتي الشكل وهي عبارة عن علبتين حديديتين متداخلتين مع بعضهما بعضا.