سبر أكاديميا

ما بين طالبان وهيئة تحرير الشام

طالبان مدرسة للمجاهدين في كل بقاع الأرض. طالبان التي اصطفت أقوى جيوش الأرض صفا واحدا لمحاربتها، وسخّرت هوليوود أفلامها لعزلها عن العالم وتبرير القضاء عليها، ومع ذلك صمدت طالبان ولم تنكسر ولم يهزها ذهاب دولتهم وحكمهم. تحصنوا بالجبال وقاوموا تلك الجيوش لعقدين من الزمان ثم خضعت لها تلك الجيوش وطلبت طالبان لطاولة الحوار وهي صاغرة ..وتحقق لطالبان ما تريده.. وهنا ركنت طالبان السلاح جانباً وليس بعيداً عنها، واستخدمت فن السياسة للحفاظ على حصاد ما زرعته من صبر وثبات طوال العقدين.

في سوريا أرض الشهداء، وأرض الأحزان، وأرض الدماء والأشلاء، وأرض القتلى من الأطفال. نرى هناك فصيل قد يكون كطالبان في افغانستان، وهو فصيل هيئة تحرير الشام الذي سعى الجميع للقضاء عليها وإبادتها عسكريا ووجوديا، وهم النظام وبعض الدول وإيران وأذنابها من الطوائف والأعراق وبعض الفصائل المدعومة عربيا وغربيا، ناهيك عن الإعلام العالمي والعربي الذي شوه سمعتها ومع ذلك صمدت ولم تتزعزع، وسقطت أمامها أغلب تلك الفصائل المدعومة واختفت أسماء قادة كانت تحارب وتحرش على الهيئة.. واليوم الهيئة تسير على طريق طالبان في النهج السياسي، ومن إدلب نجحت -مؤقتا- وقد يستمر هذا النجاح ويزدهر إذا اعتمدت على سياسة طالبان (جهاد وسياسة)، (عزيمة وإصرار مع صبر وذكاء ) و (تواضع من دون ضعف).

نقطة مهمة:

طالبان لم تنشغل بالحركات الإسلامية وغيرها من التي خانتها مع الغرب ولا التي خضعت للغرب، بل حيدت الخونة وتجاهلت الخاضعة منها لهدف أسمى، وفعلا عندما كانت طالبان تحارب طوال العقدين كانت الحركات الخائنة والخاضعة مختفية تماما عن الساحة.. لذلك يجب على الهيئة السير على نهج طالبان وهذا لا يعيبها، فالحركات الخائنة والخاضعة التي في افغانستان موجودة أيضا في سوريا .. لذلك تحييدها أهم، وعدم التقوقع في إدلب وكأنها دولة مستقلة هو الأكثر اهتماما ، لأن هذا قد يعجل من نهاية الثورة.. وهاهي الهيئة تبدع في السياسة لكن يجب أن يكون السلاح قريبا منها للحفاظ على انتصاراتها وعلى ما حققته في إدلب والذي نتمنى أن يمتد لبقية المدن والمناطق السورية.

ملاحظة: هناك عوامل ساعدت طالبان في الثبات لعقدين من الزمان وتفتقده هيئة تحرير الشام، وهي التضاريس الجغرافية والجبال والوعرة، كما أن في افغانستان حكومات معينة من دول الاحتلال، بينما في سوريا النظام مازال قائما لذلك تسعى دول كثيرة للحفاظ على وجوده لأجل مصالحهم .. وهناك عامل وحيد استفادت منه طالبان وهو علاقتها الجيدة وغير المعلنة مع حكومة باكستان التي اعتمدت على طالبان بعد التأكد من صلابتها وقوة عزيمتها، وهذا قد يحصل مع الهيئة إذا حاولت تحسين علاقتها مع حكومة تركيا الحالية.. وكل من طالبان والهيئة عليهما النظر لشعبيهما أولا وأخيرا، والحذر من خونة الداخل أكثر من حذرهم من العدو المعلن.. فهم السلاح الذي يستخدمه العدو المعلن، وقد رأينا هذا علنا في افغانستان ضد طالبان.

سلطان بن خميّس