كتاب سبر

شخير عميق دون ازعاج

لم تقدم مؤسسة البترول حتى الآن انكارا قاطعا بدليل حاسم لما كتب وروج بأن المؤسسة أعمات قواعد الواسطة والمحسوبية في قبول المتقدمين للعمل لها بعد اجتياز الاختبارات المفروضة حين اجتاز الامتحان بعض أقارب العاملين الكبار في المؤسسة بينما رفض الكثير من المتقدمين بحجة عدم اجتيازهم الاختبار.

كان أولى على هذه المؤسسة التي تبنت في ردها على المعترضين كليشيه اللغة الرسمية التي تعتمدها الجهات الحكومية عادة بنفي ممارسات المحسوبية كقاعدة متأصلة في نهج الدولة العشائرية وتروج بالوقت ذاته صورة كاذبة عن المصداقية الرسمية بان كل ما يصدر من السلطة الرسمية يمثل الحقيقة وغير ذلك مجرد اشاعات، ان تقوم المؤسسة او وزارة النفط بتعيين لجنة محايدة من قضاة ومختصين قانونين للتحقيق فيما حدث!

تاريخ نهج المؤسسة منذ زمن طويل لا يختلف عن الكثير عن شقيقاتها في مؤسسات” من صادها عشى عياله” فهي في السابق قدمت لنا صورا منحرفة للممارسات أقرب ما تكون لعالم الفساد وتحججت بأنها تطبق القانون، قبل عامين تقريبا أنهت شركة البترول الوطنية عقدها مع مكتب المحاماة الذي كنت أعمل به مع المرحوم محمد مساعد الصالح، رغم كسبنا قضايا لشركة البترول تقدر بملايين الدينار في عقود مقاولات كان مفصلة لجماعات ذات نفوذ، وقامت المؤسسة بتوقيع عقد مع مكتب آخر بأتعاب سنوية تبلغ مرة ونصف المبلغ الذي كنا نتقاضاه والذي كان لا يكفي لتغطية نفقات قضاياهم التي تبلغ مئات الدعاوى اليومية والتي سببها إهمال ولا مبالاة من الشركة في فحص وتدقيق عقودها..

أيضا، على الجهة المقابلة وللمفارقة العشوائية وبحجة اعتماد الأقل سعرا وكأن عقود المحاماة مثلها مثل عقود رصف الشوارع المكسرة التي تخضع كمبدأ لمعيار الأقل سعرا، بينما عقود الاستشارات القانونية يفترض أن تقوم على المعيار الشخصي حسب الثقة بين أصحاب العلاقة، الا أن العبط ليس له حدود ، فتعاقدت شركة نفط الكويت بعد أن أنهت عقدها القديم مع مستشارها السابق ووقعت عقد استشارات بمبلغ زهيد يستحيل معه لهذا المكتب أن يقوم بتغطية مئات القضايا الخاصة للشركة.

ليس الموضوع هنا إدارة مرفق عام كالنفط لا أمل له ولا لغيره من مرافق الدولة أن يدار بحصافة العقلانية والنزاهة ، وإنما الحديث الآن عن عمومية تلك الممارسة الفاسدة، هناك أستاذ شاب في التغذية وعلوم البيولوجيا لن أذكر اسمه الآن، خصصت له جامعة بباريس مختبرا خاصا لبحوثه العلمية، وعرضت عليه أشهر الجامعات العريقة في اوربا والولايات المتحدة العمل لديها بعروض مغرية بعد أن عرفت كثرة ودقة أبحاثه التي بلغت أكثر من ٦٨ بحثا علميا محكما ، طلب منه بعض الحصفاء أن يتقدم بطلب لجائزة الشيخ جابر التي تقدمها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، قال لهم إنه تقدم في السابق بدون نتيجة، فكانت الجوائز تصرف كل سنة ومنذ زمن طويل حسب المحسوبية والمعارف وليس حسب جدية البحوث، فهي قدمت مثلا قبل فترة لأحد الفائزين لمن كتب ١٨ بحثا- وهنا بالمناسبة لن ندقق لنوعية تلك البحوث- ولم يكترث حصفاء الادارة لما قدمه ذلك العالم المغبون في وطنه، بل إن الجهة التي يعمل بها تسأله كل صباح “تأخرت ربع ساعة عن الدوام” هل ستأتي أم نحسب لك غيابا!! كأنه يعمل في مخبز وعليه أن يضع في الفرن العدد المطلوب من أقراص الخبز المطلوبة في الوقت المحدد… ما هذا يا دولة المؤسسات والانصاف وحكم القانون.. للمرة المليون … اسحبوا الغطاء على رؤوسكم وواصلوا مشوار الشخير العميق..
حسن العيسي