اتهم نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام الولايات المتحدة والدول الغربية بالتقاعس في مواجهة نظام الرئيس بشار الأسد معتبرا أن الأخير يعتمد حاليا على غطاء من مواقف الدول الكبرى رغم “الأعمال الوحشية” التي يمارسها بحق الشعب السوري.
وقال خدام في مقابلة مع “راديو سوا” إن نظام بشار الأسد “قد انتهى وسوف يرحل، لكن الغطاء الذي يعتمد عليه الآن هو موقف بعض الدول الكبرى التي اتخذت مواقع مائعة”، حسب تعبيره.
وقارن خدام بين موقف الدول الغربية لاسيما الولايات المتحدة في سوريا ومصر مشيرا إلى أنه “عندما قامت الثورة في مصر ضد الرئيس مبارك وهو حليف أساسي للولايات المتحدة وللغرب وملتزم بالنهج المتحالف مع أميركا قامت واشنطن بمطالبته بالرحيل بعد أيام، وهو أمر منطقي على اعتبار أن الشعب المصري تحرك وليس من المنطق دعم الرئيس وشعبه ليس معه، لكن في سوريا لم تصدر كلمة حاسمة تقول لبشار الأسد ينبغي أن ترحل”.
ومضى خدام قائلا إن “بشار الأسد حليف لإيران ويعلن ليلا ونهارا أن الولايات المتحدة تتآمر عليه، كما يقوم باعتقال الناس تحت عنوان المؤامرة الخارجية، ومع ذلك بعد شهرين من الدماء السائلة في الشارع السوري لم تصدر كلمة حاسمة تقول لبشار الأسد أنت خرجت عن قيم الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان وعن كل الشرائع، وينبغي أن ترحل وتسقط شرعيتك”.
وأكد خدام أنه لن يكون هناك خريطة طريق أو خروج سياسي من الأزمة في سوريا معتبرا أن “الخروج السياسي الوحيد المقبول هو سقوط النظام والبدء بإقامة هياكل لدولة ديمقراطية”.
وتابع خدام قائلا إن “نظاما يستخدم دبابات ومدفعية ويدخل المدن ويقتل المواطنين، من يتصور أن الشعب سيقبل بأن يستمر تحت حكمه”.
وحول وجود أوراق بيد النظام السوري يعتمد عليها للحد من قوة الموقف الدولي حياله، قال خدام إن “النظام السوري ليست بيده أوراق حقيقية” معتبرا أن دمشق “تستخدم الورقة الفلسطينية وهي ليست لها”.
وأضاف أن “حركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين صلتهما الأساسية مع إيران” معتبرا أن ثمة تغييرا في المواقف قد يحدث بعد المصالحة الفلسطينية التي تمت بوساطة مصرية.
أما فيما يتعلق بالعراق، بحسب خدام، فقد كان دور الأسد تسهيل تدريب عناصر للقيام بأعمال ضد القوات الأميركية في العراق وضد بعض التجمعات هناك، ولكنه بالمحصلة لا يستطيع أن يقوم بدور أساسي في العراق إلا بالتحالف مع إيران لأن المنطقة المحاذية لسوريا ليس فيها مواطنون عراقيون لهم علاقة مع إيران، وهذه المنطقة تنتمي إلى طائفة معينة وهي على حساسية مع النظام الحاكم في سوريا، وذلك في إشارة إلى الأكراد في شمال العراق.
وقال نائب الرئيس السوري السابق إن ما يحدث في سوريا “أمر طبيعي بعد أكثر من 40 عاما من القهر والظلم والاضطهاد والتمييز والحرمان من الحقوق” مؤكدا أنه “من حق السوريين أن يطمحوا لبناء دولة ديموقراطية بعد أكثر من 40 عاما من نظام ديكتاتوري فاسد وفاسق”، حسب وصفه.
وتوقع خدام “استمرار الحراك الشعبي السوري حتى يتحقق الطموح في أن تتحول سوريا من دولة يحكمها ديكتاتور إلى دولة يحكمها الشعب عبر حكم دستوري يؤسس للديموقراطية ولتبادل السلطة”.
وحول الاتهامات السورية بأن الاحتجاجات هي جزء من مؤامرة خارجية ضد دمشق، قال خدام إن “هناك مؤامرة بالفعل ولكنها ليست خارجية، بل هي من النظام على الشعب السوري وضد تطلعاته نحو الحرية”، حسبما قال.
وقال إن “النظام الأصولي الوحيد في المنطقة الآن هو النظام الحاكم في سوريا الذي قام بإرسال وحدات من الجيش تنتمي إلى طائفة معينة وتقوم بقتل الناس وذبحهم، وهو أسوأ تعبير عن الأصولية”.
وأضاف أن “الشعب السوري لم يكن شعبا طائفيا في يوم من الأيام، وعندما أقدموا على انتخاب حافظ الأسد لأول مرة كانوا يعلمون أنه علوي، لكنهم أقدموا على اختياره لأنهم كانوا ينتظرون أن ينفذ وعوده لهم” معتبرا أن “المسألة لا تتعلق لدى السوريين بطائفية رئيس النظام وإنما تتعلق بالسلوك الطائفي الذي يمارسه”.
وقال خدام إنه “لا يوجد نظام سياسي قادر على استيعاب الأوضاع القائمة في سوريا غير النظام الديمقراطي” مشددا على أنه “لا يمكن للشعب السوري أن يقبل بأن يحكم من قبل جزء من أقلية في البلاد تمارس السلطة ممارسة ممنهجة وطائفية”، حسب قوله.
يذكر أن عبد الحليم خدام هو رفيق قديم للرئيس السوري السابق حافظ الأسد وشغل منصب الرئيس بالوكالة مدة 37 يوما بعد وفاة حافظ الأسد وقبل تولي نجله بشار الرئاسة السورية عام 2000.
وقد أعلن خدام انشقاقه عن نظام الأسد في نهاية عام 2005 بعد أن تدهورت علاقته ببشار، وقد سبق له اتهام النظام السوري بالمسؤولية عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري كما أسس في منفاه بفرنسا جبهة باسم الخلاص الوطني تضم معارضين للنظام السوري.
يذكر أن المحكمة العسكرية الجنائية الأولى في دمشق قد أصدرت في شهر أغسطس/آب عام 2008 عدة أحكام غيابية بالسجن لمدد مختلفة على خدام أشدها الأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة وذلك بتهم مختلفة أبرزها “الافتراء الجنائي على القيادة السورية والتآمر لاغتصاب سلطة سياسية ومدنية”.
أضف تعليق