كتب أحمد الديين
يبدو أنّ رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد قرر العودة مجددا إلى أسلوبه السابق في التهرّب من مواجهة الاستجوابات الذي كان قد اتبعه في التعامل مع الاستجوابات الخمسة الأولى الموجهة إليه بين مايو 2006 ومارس 2009، وذلك بالعدول عن أسلوب الصعود إلى المنصة، وإن كان ذلك في جلسات سرية، الذي أخذ في اتباعه بدءا من ديسمبر 2009 في التعامل مع آخر ثلاثة استجوابات تمّ توجيهها إليه، وذلك عندما اقترنت عودته إلى منصب الرئاسة بصعوده إلى منصة الاستجواب… حيث نلاحظ هذه الأيام ترديد الحديث الإعلامي المسرّب حكوميا عن خيارات إحالة الاستجواب الأخير الموجّه إلى الرئيس من النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري إلى المحكمة الدستورية؛ أو إحالته إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة وبالتالي تأجيل مناقشته!
وفي ظني أنّ السبب الرئيسي في العودة مرة أخرى إلى أسلوب التهرّب من مواجهة الاستجوابات يعود إلى الخشية الجدّيّة من احتمال تنامي عدد النواب المؤيدين لأي طلب جديد بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، بعد أن قفز العدد من 13 نائبا بعد الاستجواب السادس في ديسمبر 2009 إلى 22 نائبا وامتناع نائب عن التصويت بعد الاستجواب الثامن في يناير 2011، وما يمكن أن تمثّله أي زيادة لعدد هؤلاء النواب في حال تقديم طلب جديد بعدم إمكان التعاون بعد مناقشة الاستجواب التاسع والأخير من تهديد خطير لوضع الرئيس وحكومته، خصوصا بعد إعلان النائب ناجي العبدالهادي تأييده للاستجواب واستعداده للتصويت مؤيدا لطلب عدم إمكان التعاون مع الرئيس في حال تقديمه، ناهيك عن مفاجأة اشتراك النائبين السعدون والعنجري في تقديم الاستجواب الأخير وما يمكن أن يترتب عليها من اصطفافات، وإن كان هناك في المقابل مَنْ يقلل من مثل هذا الاحتمال ويراهن على أنّ عدد النواب المؤيدين لطلب عدم إمكان التعاون لن يتجاوز الرقم السابق الذي تمّ تسجيله في يناير الماضي، بل ربما ينخفض هذا العدد على ضوء مواقف بعض النواب في “كتلة العمل الوطني”، والتصريح الأخير للنائب الدكتور حسن جوهر، واحتمال تغيير النائب حسين مزيد موقفه الذي كان مرتبطا بالأجواء التي كانت قائمة بعد الاعتداء البوليسي على ديوان النائب الدكتور جمعان الحربش وما تعرّض له الدكتور عبيد الوسمي من تنكيل.
وأيًّا كان التقدير الأقرب للصحة في حساب الزيادة والنقصان لعدد النواب مؤيدي أي طلب جديد لعدم التعاون، فإنّ العودة إلى أسلوب التهرّب من مواجهة الاستجوابات لن تكون يسيرة، إن لم تكن محفوفة بالمخاطر، إذ بدا واضحا منذ العام 2008 صعوبة الحصول على دعم نيابي لخيار التأجيل طويل الأمد، وكان أقصى ما يمكن الحصول عليه هو تأييد مناقشة الاستجواب في جلسة سرية، كما أنّ التهرّب من مواجهة الاستجواب بأي صورة كانت ستعكس ضعفا في موقف الرئيس وحكومته الجديدة، وستفتح الأبواب أمام انتقال الأزمة من المجلس إلى الشارع، في الوقت الذي سيفقد التهرّب معناه في حال تقديم “كتلة العمل الشعبي” الجزء الآخر من استجوابها الذي يتضمّن المحاور الأربعة المؤجلة، وكذلك عند تقديم “كتلة التنمية والإصلاح” استجوابها الحساس والمثير للجدل، وأيضا ما يمكن أن تلجأ إليه “كتلة العمل الوطني” في شأن إعادة توجيه استجوابها إلى الشيخ أحمد الفهد بعدما عاد إلى منصبه ذاته، هذا ناهيك عما يمكن أن يرافق هذه الاستجوابات أو يسبق بعضها من استجوابات أخرى تهدف إلى خلّط الأوراق… وبذلك سنجد أنفسنا مرة أخرى في المربع الأول ذاته الذي قاد إلى استقالة الحكومة السابقة، بما يفتح الباب أيضا أمام خيار حلّ مجلس الأمة، خصوصا بعد الاتجاهات الأخيرة لتصويت النواب حول الزيادات، التي لم تكن بمعزل عن الدوافع والحسابات الانتخابية في ظل تزايد هاجس الحلّ… إذ إنّ قوة حاسة الشمّ الانتخابية عند نوابنا هي الصفة الأهم التي يشتركون فيها جميعا، وهذا ما قد يدفع بعض نواب الحكومة إلى شيء من التظاهر بالمعارضة!
أضف تعليق