أقلامهم

الذروة يشكك في مقتل بن لادن الذي عجزت هوليوود عن تصوير جثمانه

متى قتل بن لادن؟

فكرة هذا المقال تقوم على أثر منهج الشك الديكارتي فليس كل خبر صحيح ولا يمكن التسليم به بدون أدلة دامغة وحجج قاطعة خاصة في مسائل لا تتقبل الظنيات من الأدلة.

قد يظن البعض أن هذا الكلام ضرباً من الشطح الفكري وانقياداً لنظرية المؤامرة،

لكن إعمال العقل يلزم الآخر على إجابات وافية لتساؤلات محيرة، وما لم تقم أميركا بتقديم الشافي منها فإن كل ما تثيره من أخبار وتصريحات يخضع لمنهج الشك!

فما حدث لابن لادن أمر مثير وغريب، ونهايته الدرامية تستقطب تساؤلات عدة، ليس آخرها توقيت قتله أو رميه في البحر!

المثير أن جثمان ابن لادن عاجز عن تربة تؤويه، أو مكان يدفن فيه، وهو أمر مخالف للشرائع السماوية، ولم نر هذا الكاركتر لجثمان الطاغية صدام حسين مثلاً!

ثم هل يعقل أن تمتنع جبال باكستان وأفغانستان عن ضم جثمانه؟

اين العقلية الأميركية والديموقراطية والشفافية الفاتنة للنظام الأميركي عن جسد مثخن بالجراح وجثمان لا نبض فيه، وهل تعجز استديوهات أميركا وصناعتها الهوليودية عن الإتيان بصورة واحدة فقط عن جثمانه، لماذا غاب بن لادن طيلة تلك الأعوام إن كان حياً؟

لنفكر بطريقة شيطانية… لماذا لا نقول أن ابن لادن قد قتل منذ أعوام وطواه الثرى، ما المانع؟ ربما لأن الوقت لم يكن قد حان بعد، أما اليوم فالقوات الأميركية تبحث عن نصر جديد، عن كنس هزائمها حول العالم، ولأنها تريد الخروج من الأرض الملتهبة في أفغانستان والعراق كان لا بد لها من إظهار هذا النصر فيكون قتل ابن لادن هو نهاية المطاف، وهو النصر العظيم للشعب الأميركي، ثم الرحيل وترك منابع البترول!

يعني لابد أن يكون هناك سبب مقنع للخروج من مواطن الاحتقان، وهو انهاء المهمة بقتل ابن لادن، ولأن أصلاً قتل قبل أعوام كان لابد من إعادة السيناريو من جديد وبكلفة كبرى من دون صور ومن دون جثمان ثم يلقى بالبحر لتلتهمه الحيتان والأسماك!

المنطقة العربية اليوم ملتهبة وحلفاء أميركا يتساقطون، إذن ما الفائدة من البقاء؟ لابد من الخروج حالاً، لكن كيف نخرج ونحن لم تنته مهمتنا؟ هكذا يقول الأميركيون.

الحل، سيناريو قتل ابن لادن المقتول أصلاً من أعوام ليكون هذا مبرراً لانتهاء الاحتلالات والخروج من أرض العرب. والابتهاج بالنصر المبين!

الشعوب العربية غاضبة منذ دخول الأميركيين العراق وأفغانستان لكنها كانت مكبلة بأنظمة مستبدة وعميلة، لكنها اليوم سقطت، عملاء أميركا سقطوا، إذن لماذا البقاء فوق حمامات الدم… فلابد إذن من الخروج حالاً ريثما تعود الأمور على عهدها السابق!

المهمة التي بدأها بوش كانت مطاردة لـ «القاعدة»، فما دام قائدها ابن لادن قد قتل فالمهمة انتهت وهو مبرر مقنع لانتصارنا على الإرهاب وتفسير جيد ومريح لانسحاب القوات والخروج من العراق نهاية هذ العام!

المخابرات الأميركية لن تعجز عن إشغال الراي العالمي عن صور ابن لادن أو تفسير رميه بالبحر من خلال سيناريوات دخيلة على الحدث، ويكفي «شوية» صور قديمة أو تسجيلات بصوته أو بيانات يضطر أتباعه في العالم إلى تصديرها، كلها كفيلة بنسيان موته وتوقيته، وهو ما حدث من قبل في موت هتلر وكندي وغيرهم من طغاة العالم المغضوب عليهم!

زبدة الكلام والأقرب إلى المنطق أن ابن لادن مات بقصف جوي والمحتمل أنه في تورا بورا! ولم يكن هناك علم بذلك، ربما الأميركيين أنفسهم لم يكونوا متأكدين من ذلك، فالقصف كان عشوائياً، أو ربما لا فائدة من الإعلان في ذلك الوقت الذي لم تنته فيه القوات الأميركية من أجندتها في العراق وأفغانستان.

اليوم الحاجه ملحة إلى الانتقال بقوات أميركا وفرق عملها إلى مكان أخر من العالم، لا ندري أين هو، ربما في المغرب الغربي، ربما في مكان ما آخر، إيران، مصر والسودان!

فالحل إذن انهاء هذا الملف بإخراج خبر مقتل ابن لادن،مع تغيير التوقيت ليكون موته من خلال مواجهة درامية فيها «شوية» خسائر أميركية تنتهي بانتصار أميركي ساحق!

أهمية هذا الموضوع عندي ليس لمقتل بن لادن فحسب، بل في كنه العقلية الأميركية وقدرتها على إدارة الصراع والتكتم على معلومات دقيقة ومهمة أطول فترة ممكنة ثم نشرها بهدوء إذا لزم الأمر. وبالتأكيد أن هذا النهج ينسحب على ملفات كثيرة وخطيرة بالمنطقة، لازالت في طي الكتمان مثل العلاقات الأميركية – الإيرانية، وفضائح صفقات السلاح بين اسرائيل وإيران، وحوادث اغتيال أخرى، مثل حادث اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، وأسرار اغتيال السادات، واغتيال الرئيس الباكستاني ضياء الحق! والمقصود أنه لا توجد نار من غير دخان والزمن كفيل بكشف أسرار كثيرة ولكن بعد فوات الأوان. 

رحم الله بن لادن وأسكنه فسيح جناته وغفر له اجتهاداته وأخطائه.

د. مبارك الذروة

كاتب وأكاديمي كويتي