أقلامهم

عبداللطيف الدعيج يكشف حقيقة الثورات العربية

حقيقة الثورات العربية

كثيراً ما يطرح من يسمى بمفكرينا تعريفهم الخاص للثورة والانقلاب. الانقلاب عند ادعياء التفكير هو ما يقوم به الجيش وما ينفذه العسكر حين يغتصبون او يستولون على السلطة. الثورة هي عندما تُسقط «الجماهير» النظام كما حدث في تونس وفي مصر ويحدث الآن في سوريا وقبلها اليمن.

ويتناسى السادة المفكرون ان كل هذا هو في حقيقته تمرد على النظام او تململ من السلطة، او بالكثير احتجاج على تردي مستوى المعيشة، الذي في الغالب يكون المسؤول عنه «الجماهير» نفسها التي يقف تخلفها الاجتماعي والتقني حائلا بين المجتمع والتنمية. لكن دائما وابدا يتجلى هذا التخلف لمحترفي السياسة والطامعين في خلافة السلاطين والعاجزين عن استشفاف الحقيقة او مواجهة «الجماهير»، دائما يتجلى ويبدو فسادا في الحكم وانحرافا او خيانة في السلطة. مع ان هذا في الغالب يكون صحيحا، اي الانحراف والخيانة، ولكنه ليس السبب الاساسي وبالتأكيد ليس السبب الوحيد. اذ يبقى كما اشرنا، التخلف الاجتماعي والتقني للناس، هو السبب الاساسي والحقيقي الذي يحول بين الامة وبين التقدم والرقي المنشود.

في الواقع ان قناعة الناس بـ «تخلفهم» وتمسكهم بموروثهم وتقاليدهم الاجتماعية وكل ما يعيق حركة التنمية هو السبب في بقاء المجتمعات العربية اسيرة التخلف والفقر. انهم، كما بيّنا يوم امس، يثورون ويحتجون ويتمردون على السلطة، لكنهم يقنعون بموروثهم الاجتماعي على علاته ويتقبلون التقليد والتقاليد بخشوع وتقديس. ان جماهير مصر الثورية في ساحة التحرير هم الذين صوت %82 منهم قبل اسابيع من ثورتهم مع تطبيق الشريعة الاسلامية. فيما اظهر الاستفتاء نفسه ان %80 من جماهير الثورة المصرية يؤيدون الرجم بالحجارة كعقوبة للزنى! اما احرار اليمن فقد قطعوا لسان احد المؤيدين للرئيس الذي يعارضون. ولا ندعي العلم بتوجهات «الثورة» السورية، لكن يكفي ان مؤيديها في مجلس الامة هم من حاول قمع زميلهم لانه لم يتفق معهم في الرأي، او بالاحرى لانه يخالفهم في المذهب. وزميلهم بالمناسبة ليس بأفضل حال فهو مثلهم، من الجماهير العربية، مع ثورة الشيعة في البحرين ضد الحكم السني، وضد ثورة السنة في سوريا على الحكم العلوي. وهذه تماما هي العقلية العربية الحالية في كل الساحات.. من ساحة التحرير الى ساحة التغيير الى ساحة الصفاة.

عبداللطيف الدعيج