أقلامهم

وضحة المضف ترى في ناصر الصباح الفارس الذي طال انتظاره

الرسم بالكلمات / الشيخ ناصر … رجل دولة

وضحة أحمد جاسم المضف

جرت العادة في الكويت أن نذكر مآثر الرجال بعد مماتهم وهي عادة سيئة… ولكن سأكتب اليوم عن رجل دولة وموقف موجود بيننا يستحق أن نكتب آلاف الكلمات عن مآثره وربما يظن ظان ويتفلسف بما لا يعلم ويكيل التهم دون سند ويقول كتبنا اليوم من أجل مكسب ولكن حاشا وكلا، ولو كان هذا الهدف الذي نصبو إليه لم نعدم الوسيلة ولسطرنا المقالات عن الذين يغدقون من يمجدونهم بالهدايا والمناقصات والمناصب الرفيعة، ولكن من حق الناس علينا أن نقدم شهادتنا للتاريخ والأجيال عن كل الرجال الذين هم بسوية وزير الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح… فعندما زرته في مكتبه بقصر السيف عام 2008 وجدت نفسي أمام رجل كبير بأخلاقه ودماثة خلقه يشعرك بأنك تعرفه منذ أعوام، فابتسامته التي لا تنقطع وإخفاؤه لحزنه ليسعد من أمامه، وقلبه المفتوح للجميع يبعث على الارتياح ولا تملك إلا أن تحترمه وتجله.

كنت أرقب الجموع الغفيرة تؤم ديوانه وكأنها تحتفل بقدوم فارس طال انتظاره فقد كان وطناً في ديوانه… فالشيخ ناصر رجل دولة ولا يمكن الاختلاف على ذلك رغم من اختلاف البعض معه وهذا حق لهم لا ننازعهم عليه، فقد عارك الشيخ ناصر السياسة ووقف وقفات لا تنسى في الزمن الصعب لخدمة الكويت، ولكن قدره أن يعترضه حاقدون كانوا يحلمون أن يبتسم في وجوههم، اجتهدوا في كواليس الكيد وملحقاته لعرقلة حركته السياسية حتى تأكد لنا أن الدولة تأكل أبناءها المخلصين بعد أن أصبحت بيئة طاردة، بعد أن جاءت بزيد بحلكة الليل وأطاحت به في وضح النهار حتى وصلنا إلى مرحلة الجفاف السياسي وعدم الثقة بعد أن كثرت الأخطاء السياسية بقدر الأخطاء الطبية «وآخرها شلل المواطنة أفنان»…

إن أبا عبدالله يستحق أن نذكر مآثره فهو من الأوائل الذين مارسوا سياسة الباب المفتوح قولاً وفعلاً ليعطي رسالة لكل مسؤول… فكان يستقبل الكويتيين مواطنين وموظفين ويستمع إلى مشاكلهم وآلامهم ويحاول جاهداً حلها وتضميدها دون بهرجة إعلامية وفلاشات أو تسريب معلومات ومانشتات، مارس صلاحياته كوزير للديوان الأميري بكل مهنية واقتدار، وكان هاجسه الدائم الوطن والمواطن فكان صارماً في المواقف الوطنية وعطوفاً على كل من أوجعه الضنك فلم يصد طالب حاجة قط، فكم احتضنت أياديه المعطاءة الكثير من البيوت الكويتية المكبلة بالديون والهموم، فمازالت تتردد في اذني ضحكات ويباب «زغاريد» تلك العائلة الغارقة بالأحزان التي امتدت يد الشيخ ناصر لتنتشلها من أسر الديون حتى تم رفع منع السفر عن جميع أفراد العائلة الذي دام لأعوام… عموماً لا أريد أن أستفيض فالرائحة المعطرة بالوطنية والكرم تنتشر بالأجواء، فمازالت الكثير من الأيادي مرفوعة بالدعاء للشيخ ناصر فهو رمز وطني كبير ورقم صعب لا يمكن تجاوزه… دافع ولم يجبن وناضل ومازال لأجل الكويت، لم يساوم ولم يهادن على حب الوطن وأبناء الوطن، هذه شهادة حق أدليت بها راجية أن أكون أوصفت وأنصفت… فمرحباً بك يا أبا عبدالله… الأماكن كلها مشتاقة لك.