أقلامهم

دلال الدرويش تكتب عن الإعلام بين الحرية والتشويه

دلال عبد المحسن الدرويش

 إعلام مُشَوَّهْ… فلنحذر!

(إعلام حر = مجتمع حر) لفتت نظري تلك العبارة لأحد الإعلانات في طريق توجهي إلى الفندق أثناء رحلتي إلى عمّان، فاستقرت بمخيلتي لأقلبها وأتفكر بها، أَصحيح أن هناك قيودا تقيد إعلامنا ومحطاتنا المرئية والمسموعة والمقروءة، أَنحن فعلاً محتاجون مساحة للحرية وفسحة للحديث..؟!

ولكن سرعان ما تذكرت تلك المحطات التي تقوم على شتم فئة من المجتمع، وغيرها من التى يكون دخلها الأساسي هي تراشق التهم بينها وبين الدول المجاورة لها، ألا تعد هذه حرية إعلام أم أن الحرية المطلوبة تختلف تماما عن هذه الحرية المسعورة التي يمارسها البعض باسم الإعلام نعم انها حرية مسعورة مفسدة بما تبث من رسائل للمجتمع تعمل كشرارة فتنة بين أفرادها.

فمن خلالهم تم تشويه الصورة الحقيقية للإعلام والمطلب المرجو منه، فقد جعلوا الإعلام سلاحا بأيدي خاطئة من الإعلاميين سُلط ليدمر لا ليعمر، فكلنا يعلم أن بعض ما نراه الآن هو اعلام مزيف، والغرض منه مصالح شخصية لا منافع عامة للأمة، فإعلام اليوم مليء بالوجوه ذات الأقنعة المزيفة، التي تكون كالدمى بيد الممثل الكبير خلف المسرح، فتلك الدمى تخرج لتطلق سهامها تجاه الغير ثم تعود لصندوقها دون أن يكون لديها أدنى دراية عما قامت به من هجوم.

فإعلامنا ذو حرية نتنة تزعج الآخرين وتتعدى على حدود الآخرين، وتتفاخر بتبادل التهم والإساءة للآخرين، يلزمنا آلية جادة لاستعادة اعلام ذي بيئة سليمة ولممارسة حريته الصحيحة وليذود عن الهوية الإعلامية الحقيقية، فلا يصح أن تكون مهنة إعلامي لكل من ليس له مهنة، فهي مؤثرة جدا ويلزمها فرد يتمتع بمقومات وصفات تساهم في إطلاق عليه لقب إعلامي قدير يؤثر ويعرف كيف يكون التأثير.

إن إعلام اليوم كالنار الموقودة إما أن تستغلها وتنتفع بها وإما أن تحرقك وتترك خلفها رمادا، فلنحذر من ذلك ولنحد من تلك الفئة التي تغلغلت في الأوساط الإعلامية لتستغله فيما يتماشى مع متطلباتها وأهوائها، ولنرجع بذاكرتنا إلى السابقة لنستعرض بعضا من تلك القنوات المحدودة ولكنها كانت تقدم مادة إعلامية ذات جودة ومعايير تقدم لتفيد لا لتثير ما في القلوب والعقول ولنقارنها بما لدينا الآن من قنوات أخرى.

أصبحنا نعيش في تمايز ممرض متعب يشل حركة الجميع، فالمواضيع باتت تمتزج ببعضها، ولم تعد هناك خصوصية لتلك الوسيلة، وموضوعية بذلك الطرح، بل اصبحت هناك برامج تقام لتسخر من أصحاب العقول الصغيرة أمام العالم، ولتستهزئ بعملهم دون شفقة على كبر سنهم!

هل تم الانتهاء من قضايا الدولة لنلجأ إلى مثل هذه البرامج وهؤلاء الضيوف!، أم اختلط(الحابل بالنابل) وبتنا نبحث عن الشهرة فقط دون أن نحسب خطواتها علينا و على مجتمعنا، فلنطمح لإعلام ناجح حر، يحمل هموم المشاهد على كتفيه ويسعى لحلها وتوصيلها إلى المسؤولين، وكفانا إعلام سطحي، لا يرى أبعد من كامرأته ولا يستمع إلا لمن يصفق له، فالإعلامي الحقيقي هو من ينصف الحق حتى وإن كان على نفسه.

هذا وناهيك عزيزي القارئ عن تلك الصحف التي أصبحت نشرات شخصانية لا نشرات إخبارية، فأصبحت أسماء الصحف تصنف على أسماء التيارات والأحزاب السياسية، فمن لا يملك توجها يتماشى مع توجه تلك الصحيفة ليس له محل ترحيب فيها وليبحث عن صحيفة تتبنى توجهه وتتماشى مع قناعاته، فقد افتقدنا صحفا اخبارية ذات مصداقية، تخلو من هجوم شخصاني لا هجوم أفعال ورفض لذلك السلوك، فمصداقية الصحف تدل على مجتمع صحي فكريا، فلنعد للإعلام رونقه الذي سلب منه.